لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ، وَيَظْهَرُ حُكْمُ الِالْتِحَاقِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ حَتَّى يَجُوزَ عَلَى الْكُلِّ فِي الزِّيَادَةِ وَيُبَاشِرَ عَلَى الْبَاقِي فِي الْحَطِّ وَفِي الشُّفْعَةِ حَتَّى يَأْخُذَ بِمَا بَقِيَ فِي الْحَطِّ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ لِمَا فِي الزِّيَادَةِ
بِهَذَا الْمِقْدَارِ، وَرَأَيْنَا الشَّرْعَ أَثْبَتَ لَهُمَا وِلَايَةَ تَحْوِيلِ الْعَقْدِ مِنْ صِفَةٍ إلَى صِفَةٍ وَمِنْ وُجُودِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ فِي الْوُجُودِ إلَى إعْدَامِهِ بِلَا سَبَبٍ سِوَى اخْتِيَارِهِمَا.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَتَحْوِيلُهُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إلَى اللُّزُومِ بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَعَكْسُهُ بِإِلْحَاقِ الْخِيَارِ، وَكَذَا مِنْ كَوْنِهِ حَالًّا إلَى مُؤَجَّلٍ بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ كَمَا سَنَذْكُرُ فِي تَأْجِيلِ الثَّمَنِ الْحَالِّ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِالْإِقَالَةِ وَهِيَ تُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ الْمِلْكِ فَأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ لَهُمَا تَغْيِيرُهُ مِنْ وَصْفِ كَوْنِهِ رَابِحًا إلَى خَاسِرًا أَوْ خَاسِرًا إلَى رَابِحٍ، وَإِلَى كَوْنِهِ عَدْلًا، وَثَبَتَ صِحَّةُ الْحَطِّ شَرْعًا فِي الْمَهْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ فَبَيَّنَ أَنَّهُمَا إذَا تَرَاضَيَا بَعْدَ تَقْدِيرِ الْمَهْرِ عَلَى حَطِّ بَعْضِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ جَازَ، وَإِذَا ثَبَتَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ لَزِمَ الِالْتِحَاقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ ضَرُورَةً إذْ تَغْيِيرُهُ يُوجِبُ كَوْنَهُ عَقْدًا بِهَذَا الْقَدْرِ فَبِالضَّرُورَةِ يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِهِ إذْ وَصْفُ الشَّيْءِ يَقُومُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَطَّ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ تَبْدِيلٌ لِأَصْلِهِ إذْ يَصِيرُ الْبَدَلُ الْآخَرُ هِبَةً فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ إلَى عَقْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ الِالْتِحَاقُ انْتَفَى قَوْلُهُمْ: الزِّيَادَةُ عِوَضٌ عَنْ مِلْكِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَا (وَيَظْهَرُ حُكْمُ الِالْتِحَاقِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَتَجُوزُ) الْمُرَابَحَةُ (عَلَى الْكُلِّ) مِنْ الْأَصْلِ وَالزَّائِدِ، وَيَجِبُ أَنْ يُرَابِحَ عَلَى الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ وَمَا زَادَهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَكَذَا التَّوْلِيَةُ (وَيُبَاشِرُ) الْعَقْدَ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ (عَلَى الْبَاقِي) بَعْدَ الْحَطِّ (وَ) كَذَا (فِي الشُّفْعَةِ حَتَّى يَأْخُذَهَا) الشَّفِيعُ (بِالْبَاقِي) فَقَطْ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ الْتَحَقَا لَزِمَ أَنْ يَأْخُذَهَا الشَّفِيعُ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ بِالْمَجْمُوعِ مِنْ الْأَصْلِ وَالزَّائِدِ وَهُوَ مُنْتَفٍ بَلْ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِدُونِ الزِّيَادَةِ، أَوْ يُقَالُ فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّفِيعِ؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا) فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ (بِدُونِ الزِّيَادَةِ لِمَا فِي الزِّيَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute