للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَثْبُتُ شُبْهَةُ الرِّبَا.

وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالثَّوْبِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْفَائِدَةَ الْمَطْلُوبَةَ إنَّمَا هُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَيَتَرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى التَّعْيِينِ، بِخِلَافِ الصَّرْفِ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ لِيَتَعَيَّنَ بِهِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ «يَدًا بِيَدٍ» عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَكَذَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ، وَتَعَاقُبُ الْقَبْضِ لَا يُعْتَبَرُ تَفَاوُتًا فِي الْمَالِ عُرْفًا، بِخِلَافِ النَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ.

مَزِيَّةٌ فَيَكُونُ كَالْمُؤَجَّلِ إذْ يَحْصُلُ التَّفَاوُتُ فِي الْبَدَلَيْنِ.

(وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي) صِحَّةِ بَيْعِهِ (وَالْقَبْضُ كَالثَّوْبِ) بِالثَّوْبِ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْفَائِدَةَ الْمَطْلُوبَةَ إنَّمَا هُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّعْيِينِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ شَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ الْقَبْضُ، بِخِلَافِ الصَّرْفِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَا يَحْصُلُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ، فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ مَمْلُوكَةً بِالْعَقْدِ إلَّا بِالْقَبْضِ. قَالَ: وَمَعْنَى (قَوْلِهِ يَدًا بِيَدٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ) وَكَذَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ تَقَدَّمَ رِوَايَةُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ " يَدًا بِيَدٍ " وَلَهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ مُسْلِمٍ " عَيْنًا بِعَيْنٍ " وَلَفْظُهُ فِي مُسْلِمٍ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ يَنْهَى عَنْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى» وَفِيهِ قِصَّةٌ، وَقَوْلُهُ يَقَعُ التَّعَاقُبُ فَيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ مَمْنُوعٌ، بَلْ هَذَا الْقَدْرُ مُهْدَرٌ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً مَا لَمْ يُذْكَرْ الْأَجَلُ.

وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِ " يَدًا بِيَدٍ " عَلَى اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي الصَّرْفِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ التَّعْيِينُ لَا التَّقَابُضُ فَيَكُونُ تَعْمِيمًا لِلْمُشْتَرَكِ أَوْ لِلْحَقِيقَةِ فِي الْمَجَازِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ فَسَّرَ هَاءَ وَهَاءَ بِ " يَدًا بِيَدٍ "، وَفَسَّرَ يَدًا بِيَدٍ بِالتَّعْيِينِ لِرِوَايَةِ عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَاسْتِدْلَالُهُ بِهِ عَلَى التَّقَابُضِ فِي الصَّرْفِ لَا يَنْفِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ هُنَاكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى التَّعْيِينِ أَيْضًا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ التَّعْيِينُ هُنَاكَ بِالتَّقَابُضِ يَكُونُ لَا بِغَيْرِهِ، لَمَّا قُلْنَا إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَانَ الِاسْتِدْلَال بِهَا عَلَيْهِ اسْتِدْلَالًا عَلَيْهِ، لِكَيْ يَنْبَغِيَ أَنْ يُقَالَ حَمْلُ يَدًا بِيَدٍ عَلَى مَعْنَى عَيْنًا بِعَيْنٍ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ قَلْبِهِ. وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَيْنًا بِعَيْنٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُحْتَمِلِ، لِأَنَّ يَدًا بِيَدٍ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ فَهِيَ تَفْسِيرٍ لَهُ.

وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْقَبْضَ لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِهِ عَيْنًا بِعَيْنٍ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَبْضِ ضَرُورَةً فَلَزِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>