للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِمَا رَوَيْنَاهُ لَهُمَا.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ لِمُحَمَّدٍ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ وَبَيْنَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِيمَا يَظْهَرُ مَعَ بَقَاءِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَفِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونَ تَفَاوُتًا فِي عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ

أَنَّ بَيْعَ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْيَابِسَةِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا انْتَفَخَتْ، أَمَّا إذَا بُلَّتْ مِنْ سَاعَتِهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْيَابِسَةِ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا. وَأَبُو حَنِيفَةَ.

وَأَبُو يُوسُفَ يَعْتَبِرَانِ الْمُسَاوَاةَ بِتَأْوِيلِ التَّسَاوِي فِي الْحَالِ (عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ) أَيْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَغَيْرِهِ (إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِمَا رَوَيْنَاهُ) مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وَالْحِنْطَةُ الرَّطْبَةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الرُّطَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالرُّطُوبَةُ فِي الرُّطَبِ مَقْصُودَةٌ وَفِي الْحِنْطَةِ عَيْبٌ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآخَرُ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ نَقَضَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ التَّفَاوُتَ بِصُنْعِ الْعِبَادِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَنْعِ، وَمَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ لَا بِالْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ فَإِنَّ الرُّطُوبَةَ الْحَاصِلَة فِيهَا بِصُنْعِ الْعِبَادِ وَبِهَا يَحْصُلُ التَّفَاوُتُ مَعَ أَنَّهُ جَازَ الْعَقْدُ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْحِنْطَةَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ رَطْبَةٌ وَهِيَ مَالُ الرِّبَا إذْ ذَاكَ وَالْبَلُّ بِالْمَاءِ يُعِيدُهَا إلَى مَا هُوَ أَصْلُ الْخِلْقَةِ فِيهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِخِلَافِ الْقَلْيِ (وَوَجْهُ الْفَرْقِ لِمُحَمَّدٍ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ) مِنْ بَيْعِ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ إلَى هُنَا حَيْثُ مَنَعَهُ (وَبَيْنَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ) حَيْثُ أَجَازَهُ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْعِنَبِ بِالْعِنَبِ فَإِنَّهُ يُجِيزُهُ، وَحَاصِلُهُ (أَنَّ التَّفَاوُتَ) إنْ ظَهَرَ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ عَلَى الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ زَوَالِ الِاسْمِ عَنْهُمَا لَا يَفْسُدُ، فَفِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بِالْعِنَبِ يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَعْدَ خُرُوجِ الْبَدَلَيْنِ عَنْ الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَإِنَّ الِاسْمَ حِينَئِذٍ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَلَا يَكُونُ تَفَاوُتًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَيَظْهَرَ فِي نَفْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>