فَكَذَا أَجْزَاؤُهَا إذَا لَمْ تَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ.
قَالَ (وَكَذَا خَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ) لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَصْلَيْهِمَا، فَكَذَا بَيْنَ مَاءَيْهِمَا وَلِهَذَا كَانَ عَصِيرَاهُمَا جِنْسَيْنِ.
وَشَعْرُ الْمَعْزِ وَصُوفُ الْغَنَمِ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ.
فَكَذَا أَجْزَاؤُهَا إذَا لَمْ تَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تُعَدُّ أَجْنَاسًا، وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ مُتَفَاضِلًا (وَكَذَا خَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ) مُتَفَاضِلًا وَكَذَا عَصِيرُهُمَا (لِاخْتِلَافِ أَصْلَيْهِمَا) جِنْسًا، وَتَخْصِيصُ الدَّقَلِ وَهُوَ رَدِيءُ التَّمْرِ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ، لِأَنَّ الدَّقَلَ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْعَادَةِ يُتَّخَذُ خَلًّا (وَ) أَمَّا (شَعْرُ الْمَعْزِ وَصُوفُ الْغَنَمِ) فَ (جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ) بِخِلَافِ لَحْمِهِمَا وَلَبَنِهِمَا جُعِلَ جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا ذَكَرْنَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مَعَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ، فَإِنَّ مَا يُقْصَدُ بِالشَّعْرِ مِنْ الْآلَاتِ غَيْرُ مَا يُقْصَدُ بِالصُّوفِ فَصَارَ مَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْأُمُورِ الْمُتَفَرِّعَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: اخْتِلَافُ الْأُصُولِ، وَاخْتِلَافُ الْمَقَاصِدِ، وَزِيَادَةُ الصَّنْعَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: بِالنَّظَرِ إلَى اتِّحَادِ الْأَصْلِ فِي الصُّوفِ وَالشَّعْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا مُتَفَاضِلًا وَزْنًا، وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَقَاصِدِ اُخْتُلِفَ فَيَجُوزُ مُتَفَاضِلًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ مُتَفَاضِلًا تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ تَعَارُضِ دَلِيلِهِمَا وَتَسَاوِيهِمَا فَيُرَجَّحُ الْمُحَرَّمُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقَاوِمُ الصُّورَةُ الْمَعْنَى، وَأَلْزَمَ عَلَى تَغْلِيبِ جَانِبِ الْمَعْنَى كَوْنَ أَلْبَانِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ جِنْسًا وَاحِدًا لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ. وَأُجِيبُ بِمَنْعِ اتِّحَادِهِ فَإِنَّ لَبَنَ الْبَقَرِ يُقْصَدُ لِلسَّمْنِ وَلَبَنَ الْإِبِلِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ، وَكَذَا أَغْرَاضُ الْآكِلِ تَتَفَاوَتُ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَطِيبُ لَهُ الْبَقَرُ وَيَتَضَرَّرُ بِهِ دُونَ الضَّأْنِ وَكَذَا فِي الْإِبِلِ.
وَمِنْ الِاخْتِلَافِ بِالصَّنْعَةِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ إنَاءَيْ صُفْرٍ أَوْ حَدِيدٍ أَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَا قَمْقَمَةٌ بِقُمْقُمَتَيْنِ وَإِبْرَةٌ بِإِبْرَتَيْنِ وَسَيْفٌ بِسَيْفَيْنِ وَدَوَاةٌ بِدَوَاتَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute