قَالَ (وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكٌ لِمَوْلَاهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا، وَهَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَيْسَ مِلْكَ الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ فَيَتَحَقَّقَ الرِّبَا كَمَا يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ.
قَالَ (وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
لَهُمَا الِاعْتِبَارُ بِالْمُسْتَأْمَنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا.
وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ»
قَوْلُهُ وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ غَيْرِ الْمَدْيُونِ (لِأَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْبَيْعِ وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ) أَيْ الْبَيْعُ بِطَرِيقِ الرِّبَا (أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فَلِعَدَمِ مِلْكِهِ لِمَا فِي يَدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا (وَعِنْدَهُمَا) إنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَمَّا فِي يَدِهِ لَكِنْ (تَعَلَّقَ بِمَا) فِي يَدِهِ (حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَصَارَ) الْمَوْلَى (كَالْأَجْنَبِيِّ) عَنْهُ (فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا) بَيْنَهُمَا (كَمَا يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ) وَفِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا، وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ كَسْبَهُ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غُرَمَائِهِ فَلَا يُسَلَّمُ لَهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ لَا بِجِهَةِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحُرِّ يَدًا وَتَصَرُّفًا فِي كَسْبِهِ فَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ) وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الرِّبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ وَالْمُسْلِمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا؛ فَلَوْ بَاعَ مُسْلِمٌ دَخَلَ إلَيْهِمْ مُسْتَأْمَنًا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ حَلَّ، وَكَذَا إذَا بَاعَ مِنْهُمْ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ قَامَرَهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ يَحِلُّ، كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمَنْ ذَكَرْنَا، (لَهُمْ) إطْلَاقُ النُّصُوصِ فَإِنَّهَا لَمْ تُقَيِّدْ الْمَنْعَ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا، فَإِنَّ الرِّبَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَهُ فَكَذَا الدَّاخِلُ مِنَّا إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ مَا رُوِيَ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ، وَنَقَلَ مَا رَوَى مَكْحُولٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute