للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَوَلَدَهَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَمْ يَتْبَعْهَا وَلَدُهَا) وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ فَإِنَّهَا كَاسْمِهَا مُبَيَّنَةٌ فَيَظْهَرُ بِهَا مِلْكُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فَيَكُونُ لَهُ، أَمَّا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ ضَرُورَةُ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ، وَقَدْ انْدَفَعَتْ بِإِثْبَاتِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ.

ثُمَّ قِيلَ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ تَبَعًا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ وَإِلَيْهِ تُشِيرُ الْمَسَائِلُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوَائِدِ. قَالَ مُحَمَّدٌ : لَا تَدْخُلُ الزَّوَائِدُ فِي الْحُكْمِ، فَكَذَا الْوَلَدُ إذَا كَانَ

حَقُّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَ تَمَامِ أَبْوَابِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ ظُهُورُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بَعْدَ التَّمَامِ ظَاهِرًا، وَلَكِنْ لَمَّا نَاسَبَ الْحُقُوقَ لَفْظًا وَمَعْنًى ذُكِرَ عَقِيبَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ) فَإِنْ كَانَ (بِبَيِّنَةٍ) اسْتَحَقَّ وَلَدَهَا مَعَهَا وَأَرْشَهَا إنْ كَانَ (وَإِنْ) كَانَ (بِ) مُجَرَّدِ (إقْرَارِ) الْمُشْتَرِي (لَهُ بِهَا) لَا يَسْتَحِقُّ الْوَلَدَ بِذَلِكَ (وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ) أَيْ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ غَيْرُ مُقْتَصِرَةٍ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ (فَإِنَّهَا كَاسْمِهَا مُبَيَّنَةٌ) لَمَّا كَانَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ إثْبَاتِ مِلْكٍ فِي الْحَالِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ وَلَا الْقَاضِي، وَإِنَّمَا تُظْهِرُ الْبَيِّنَةُ مَا كَانَ ثَابِتًا قَبْلَهُ قَبْلِيَّةً لَا تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ مُعَيَّنٍ، وَلِهَذَا تَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ آخَرَ وَاشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ بِقَضَاءٍ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْكُلِّ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مِلْكُهُ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارُوا مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ، كَمَا لَوْ ادَّعَتْ فِي يَدِ الْأَخِيرِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ حَيْثُ يَرْجِعُونَ فَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ إظْهَارُ الْبَيِّنَةِ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لَهُ (أَمَّا الْإِقْرَارُ فَحُجَّةٌ قَاصِرَةٌ) عَلَى الْمُقِرِّ حَتَّى لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْإِقْرَارِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ خَبَرِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِثْبَاتِهِ فِي الْحَالِ، وَالْوَلَدُ فِي الْحَالِ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا هُوَ بِهَا فَقَطْ فَلَا يَتَعَدَّى إلَيْهِ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَكُونُ لَهُ.

وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَقَرِّ لَهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ، فَلَوْ ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ، وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْوَلَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْبَيِّنَةِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْأُمِّ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْقَضَاءِ فَيَصِيرُ هُوَ أَيْضًا مَقْضِيًّا بِهِ،؟ قِيلَ نَعَمْ تَبَعًا كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ اسْتِحْقَاقِهِ تَبَعًا (وَقِيلَ) لَا، بَلْ (يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ أَيْضًا) لِأَنَّهُ أَصْلُ يَوْمِ الْقَضَاءِ لِانْفِصَالِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَإِلَيْهِ تُشِيرُ الْمَسَائِلُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>