للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ إذَا بَيَّنَ طُولًا وَعَرْضًا وَرُقَعَهُ) لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فِي مَعْلُومٍ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ ثَوْبُ حَرِيرٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَزْنِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِيهِ.

لِأَنَّ الْوَصْفَ جَارٍ مَجْرَى الْأَصْلِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا شَرَطَ فِي السَّلَمِ الثَّوْبَ الْجَيِّدَ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَادَّعَى أَنَّهُ جَيِّدٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَالْقَاضِي يَرَى اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي، فَإِنْ قَالَا جَيِّدٌ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي السَّلَمِ يَتَحَالَفَانِ اسْتِحْسَانًا وَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ بِيَمِينِ الطَّالِبِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قَضَى بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ بِسَلَمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إمَّا عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. اتَّفَقَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ اخْتَلَفَ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا غَيْرَ فَقَالَ الطَّالِبُ هَذَا الثَّوْبُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي نِصْفِ كُرٍّ أَوْ فِي شَعِيرٍ أَوْ فِي الْحِنْطَةِ الرَّدِيئَةِ وَأَقَامَا قَضَى بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الثَّوْبُ وَقَالَ الْآخَرُ هَذَا الْعَبْدُ وَاتَّفَقَا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّهُ الْحِنْطَةُ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا الثَّوْبُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي كُرِّ شَعِيرٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِالسَّلَمَيْنِ، فَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ. وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: كُلٌّ يَدَّعِي عَقْدًا غَيْرَ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ. وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَيَقْضِي بِسَلَمٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْقَلْبِ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي كُرَّيْ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسَةُ عَشَرَ فِي كُرٍّ وَأَقَامَا، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ فَيَجِبُ خَمْسَةُ عَشَرَ فِي كُرَّيْنِ وَلَا يَقْضِي بِسَلَمَيْنِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْضِي بِسَلَمَيْنِ عَقْدٌ بِخَمْسَةِ عَشَرَ فِي كُرٍّ وَعَقْدٌ بِعَشَرَةٍ فِي كُرَّيْنِ. وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ دَرَاهِمَ وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِسَلَمَيْنِ كَمَا فِي الثَّوْبَيْنِ. وَفِيهَا: أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ وَشَرَطَ الْوَسَطَ فَجَاءَ بِجَيِّدٍ وَقَالَ خُذْ هَذَا وَزِدْنِي دَرَاهِمَ فَعَلَى وُجُوهٍ: إمَّا إنْ كَانَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ ذَرْعِيًّا، فَفِي الْكَيْلِيِّ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ فَجَاءَ بِأَحَدِ عَشَرَ وَقَالَ زِدْنِي دِرْهَمًا جَازَ لِأَنَّهُ بَاعَ قَفِيزًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَلَوْ جَاءَ بِتِسْعَةٍ وَقَالَ خُذْ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ دِرْهَمًا فَقِبَل جَازَ أَيْضًا فَإِنَّهُ إقَالَةٌ فِي الْبَعْضِ فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْكُلِّ وَلَوْ جَاءَ بِحِنْطَةٍ أَجْوَدُ أَوْ أَرْدَأُ فَأَعْطَى دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ فِي الْأَرْدَإِ وَالْأَجْوَدِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ.

وَفِي الثَّوْبِ إنْ جَاءَ بِأَزْيَدَ بِذِرَاعٍ وَقَالَ زِدْنِي دِرْهَمًا جَازَ وَهُوَ بَيْعُ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ مُفْرَدًا، وَكَذَا إذَا أَتَى بِالزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ جَاءَ بِأَنْقَصَ فَرَدَّ مَعَهُ دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ إقَالَةٌ فِيمَا لَا يُعْلَمُ حِصَّتُهُ لِأَنَّ الذِّرَاعَ وَصْفٌ وَحِصَّتُهُ مَجْهُولَةٌ، هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لِكُلِّ ذِرَاعٍ حِصَّةً، فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا لَوْ جَاءَ بِأَنْقَصَ وَصْفًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِأَزْيَدَ وَصْفًا جَازَ الْكُلُّ فِي الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ إذَا بَيَّنَ طُولًا وَعَرْضًا وَرُقْعَةً لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فِي مَعْلُومٍ) وَالرُّقْعَةُ يُرَادُ بِهَا قَدْرُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَلْ فِي اشْتِرَاطِ وَزْنِهِ إذَا كَانَ حَرِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>