لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَلْفَ إلَيْهِمَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَالَ (وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَقَضَاهُ زُيُوفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ:
صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِينَارٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ: بِعْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ إلَخْ. وَلَفْظُ الْجَامِعِ: فِي رَجُلٍ يَقُولُ لِرَجُلٍ: أَبِيعُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ وَفِضَّةٍ قَالَ هُمَا نِصْفَانِ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَخَمْسُمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ، وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الصِّفَةِ مِنْ الْجَوْدَةِ وَغَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الصِّفَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْجِيَادِ.
وَعُرِفَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَإِنْ احْتَمَلَ الْعِدَّةَ إذَا أَرَادَ بِهِ الْحَالَ. وَقِيلَ بَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُسَاوَمَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ بَاعَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَثْبُتُ الِانْقِسَامُ. وَفِيهِ أَنَّ إضَافَةَ الْمِثْقَالِ إلَى الذَّهَبِ ثُمَّ عَطْفَ الْفِضَّةِ عَلَيْهِ مُرْسَلًا يُوجِبُ كَوْنَ الْفِضَّةِ أَيْضًا مُضَافًا إلَيْهَا الْمِثْقَالُ، وَيَنْفِي وَهْمَ أَنْ يَفْسُدَ لِجَهَالَةِ الْفِضَّةِ لِأَنَّ الْمِثْقَالَ غَالِبٌ فِي الذَّهَبِ فَتَصِيرُ الْفِضَّةُ مُرْسَلَةً عَنْ قَيْدِ الْوَزْنِ بَلْ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَكَذَا صِفَةُ الْجَوْدَةِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ، فَالْمِثْقَالُ الْمُتَقَدِّمُ فَسَّرَهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ غَدًا وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَقَعَا جَمِيعًا غَدًا فَإِنَّهُمَا مُضَافَانِ. ذَكَرَهُ فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ أَلْفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ بِالْمَثَاقِيلِ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فِي الدَّرَاهِمِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَلْفٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَبَ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ، لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي وَزْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَا يَصْرِفُ أَحَدَهُمَا عَنْ الْمُتَعَارَفِ فِيهِ فَيُصْرَفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَجِبُ كَوْنُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فِي اسْمِ الدَّرَاهِمِ مَا بِوَزْنِ سَبْعَةٍ وَالْمُتَعَارَفُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْآنَ كَالشَّامِ وَالْحِجَازِ لَيْسَ ذَلِكَ بَلْ وَزْنُ رُبْعٍ وَقِيرَاطٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّرْهَمِ.
وَأَمَّا فِي عُرْفِ مِصْرَ لَفْظُ الدِّرْهَمِ يَنْصَرِفُ الْآنَ إلَى زِنَةِ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ مِنْ الْفُلُوسِ، إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ بِالْفِضَّةِ فَيَنْصَرِفَ إلَى دِرْهَمٍ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ فَإِنَّ مَا دُونَهُ ثَقُلَ أَوْ خَفَّ يُسَمُّونَهُ نِصْفَ فِضَّةٍ وَكَذَا هَذَا الِانْقِسَامُ فِي كُلِّ مَا يَقْرُبُهُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا قَرْضًا أَوْ سَلَمًا أَوْ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً أَوْ مَهْرًا أَوْ وَصِيَّةً أَوْ كَفَالَةً أَوْ جُعْلًا فِي خُلْعٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ عَلَيْهِ الثُّلُثُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَقَضَاهُ عَشَرَةً زُيُوفًا وَهُوَ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ (لَا يَعْلَمُ) أَنَّهَا زُيُوفٌ (فَهُوَ قَضَاءٌ) حَتَّى لَوْ أَنْفَقَهَا الدَّائِنُ أَوْ هَلَكَتْ ثُمَّ عَلِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ وَهَذَا (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute