للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ وَثَبَ مِنْ سَطْحٍ فَثِبْ مَعَهُ، وَكَذَا الْمُعْتَبَرُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ فِيهِ.

(وَإِنْ بَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ جَازَ التَّفَاضُلُ) لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ (وَوَجَبَ التَّقَابُضُ)

النَّصَّ بِإِطْلَاقِهِ لَمْ يَدْفَعْهُ أَنَّ الثَّابِتَ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ بَلْ وَجَبَ بِالنَّصِّ إلْحَاقُ شُبْهَةِ شُبْهَةِ الرِّبَا بِشُبْهَةِ الرِّبَا فِي هَذَا الْحُكْمِ.

وَقَوْلُهُ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَشَيَا كُلٌّ فِي جِهَةٍ كَانَ افْتِرَاقًا مُبْطِلًا. وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: وَإِنْ وَثَبَ مِنْ سَطْحٍ فَثِبْ، يُفِيدُ عَدَمَ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِ اخْتِلَافِ الْمَكَانِ، بَلْ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ وُثُوبِ أَحَدِهِمَا اخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَانِعًا إلَّا إذَا لَمْ يَثِبْ مَعَهُ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ فَقَالَ: وَعَنْ أَبِي جَبَلَةَ قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْت: إنَّا نَقْدُمُ أَرْضَ الشَّامِ وَمَعَنَا الْوَرِقُ الثِّقَالُ النَّافِقَةُ وَعِنْدَهُمْ الْوَرِقُ الْخِفَافُ الْكَاسِدَةُ، فَنَبْتَاعُ وَرِقَهُمْ الْعَشْرَ بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُ، وَلَكِنْ بِعْ وَرِقَك بِذَهَبٍ وَاشْتَرِ وَرِقَهُمْ بِالذَّهَبِ، وَلَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ، وَإِنْ وَثَبَ عَنْ سَطْحٍ فَثِبْ مَعَهُ. وَفِيهِ دَلِيلُ رُجُوعِهِ عَنْ جَوَازِ التَّفَاضُلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا رُجُوعُهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ الْمُفْتِيَ إذَا أَجَابَ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلسَّائِلِ طَرِيقَ تَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ كَمَا فَعَلَ حَيْثُ قَالَ لِبِلَالٍ «بِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِيهِ» إنَّمَا الْمَحْظُورُ تَعْلِيمُ الْحِيَلِ الْكَاذِبَةِ لِإِسْقَاطِ الْوُجُوبَاتِ.

قَالَ (وَكَذَا الْمُعْتَبَرُ فِي قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) يَعْنِي أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ دُونَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ (بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ) فَإِنَّهَا لَوْ قَامَتْ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ بَطَلَ، وَكَذَا إذَا مَشَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ إعْرَاضِهَا عَمَّا كَانَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِبْطَالِ هُنَاكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ، وَالْقِيَامُ وَنَحْوُهُ دَلِيلُهُ فَلَزِمَ فِيهِ الْمَجْلِسُ، وَلِتَعَلُّقِ الصِّحَّةِ بِعَدَمِ الِافْتِرَاقِ لَا يَبْطُلُ لَوْ نَامَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا أَوْ طَالَ قُعُودُهُمَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ جُعِلَ الصَّرْفُ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ يَبْطُلُ بِدَلِيلِ الْإِعْرَاضِ كَالْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ، حَتَّى لَوْ نَامَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ فُرْقَةٌ، وَلَوْ نَامَا جَالِسَيْنِ فَلَا.

وَعَنْهُ: الْقُعُودُ الطَّوِيلُ فُرْقَةٌ دُونَ الْقَصِيرِ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَرْسَلَ رَسُولًا يَقُولُ لَهُ: بِعْتُك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَقَالَ: قَبِلْت كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ نَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ مِنْ بَعِيدٍ لِأَنَّهُمَا مُتَفَرِّقَانِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ الْأَبُ: اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت هَذَا الدِّينَارَ مِنْ ابْنِي الصَّغِيرِ بِعَشَرَةٍ وَقَامَ قَبْلَ نَقْدِهَا بَطَلَ. هَذَا وَيَجُوزُ الرَّهْنُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَالْحَوَالَةِ بِهِ كَمَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ جَازَ التَّفَاضُلُ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ وَاشْتُرِطَ الْقَبْضُ) لِمَا رَوَى السِّتَّةُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>