للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَلِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ وَبَقَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ بِدُونِهِ جَائِزٌ (وَكَذَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ) لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إبْرَاءٌ مُوَقَّتٌ فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الدَّيْنُ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَصَارَ الْأَجَلُ دَاخِلًا فِيهِ، أَمَّا هَاهُنَا فَبِخِلَافِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْإِبْرَاءِ (وَإِنْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَمْ يَبْرَأْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: لِأَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَفِيلِ (الْمُطَالَبَةَ) دُونَ الدَّيْنِ (وَبَقَاءُ الدَّيْنِ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى تَأْوِيلِ الطَّلَبِ (جَائِزٌ) فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ عَدَمُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ بِإِبْرَائِهِ (وَكَذَا إذَا أَخَّرَ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ) تَأْخِيرٌ عَنْ كَفِيلِهِ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الْأَصِيلِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إبْرَاءٌ مُوَقَّتٌ فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ فَإِنْ قِيلَ: الْإِبْرَاءُ الْمُؤَبَّدُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْكَفِيلِ وَالْمُوَقَّتُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَبِرَدِّ الْأَصِيلِ يَرْتَدَّانِ كِلَاهُمَا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمٍ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ حُكْمٍ، وَسَبَبُ الِافْتِرَاقِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمُ وَهُوَ الِارْتِدَادُ بِالرَّدِّ وَعَلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُؤَبَّدَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْكَفَالَةِ مُجَرَّدُ الْمُطَالَبَةِ وَالْإِسْقَاطُ الْمَحْضُ لَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ لِتَلَاشِي السَّاقِطِ كَإِسْقَاطِ الْخِيَارِ، وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُؤَقَّتُ فَهُوَ تَأْخِيرُ مُطَالَبَةٍ وَلَيْسَ بِإِسْقَاطٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَعُودُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالتَّأْخِيرُ قَابِلٌ لِلْإِبْطَالِ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ، فَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَا لَمْ يَقْبَلْ الْكَفِيلُ التَّأْخِيرَ أَوْ الْأَصِيلُ فَالْمَالُ حَالٌّ يُطَالِبَانِ بِهِ لِلْحَالِ، وَهَذَا (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ) مَثَلًا (فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ) إلَى شَهْرٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَكْفُولَ لَهُ (لَا حَقَّ لَهُ حَالَ الْكَفَالَةِ إلَّا فِي الدَّيْنُ) فَلَيْسَ إذْ ذَاكَ حَتَّى يَقْبَلَ التَّأْجِيلَ سِوَاهُ (فَكَانَ الْأَجَلُ) الَّذِي يَشْتَرِطُهُ الْكَفِيلُ (دَاخِلًا فِيهِ) فَبِالضَّرُورَةِ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ (أَمَّا هَاهُنَا) وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ ثَابِتَةً قَبْلَ التَّأْجِيلِ (فَبِخِلَافِهِ) لِأَنَّهَا تَقَرَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>