للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَا: ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَارِئًا بِدُونِهِ فَأَشْبَة قِرَاءَةَ مَا دُونَ الْآيَةِ.

وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ

مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُشْبِهْ قَصْدَ خِطَابِ أَحَدٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ آيَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ كَقَوْلِهِمَا.

وَالْوَاجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ: يَعْنِي فِي غَيْرِ الْأُخْرَيَيْنِ وَالْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ

وَالْمَسْنُونَةِ إمَّا فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ، وَيُعْلَمُ مِنْ الْكِتَابِ وَالْمَكْرُوهُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ.

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ مَكْرُوهٌ.

وَفِي الْمُجْتَبَى: مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ آيَةً طَوِيلَةً لَا يَكُونُ إتْيَانًا بِالْوَاجِبِ.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا لَوْ قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ قِيلَ لَا يَجُوزُ، وَعَامَّتُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ ثَابِتَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَمَا قِيلَ لَوْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَنَحْوَهَا وَقَعَ الْكُلُّ فَرْضًا، وَكَذَا إذَا أَطَالَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُشْكِلٌ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَدْرٌ لِلْقِرَاءَةِ إلَّا فَرْضًا فَأَيْنَ بَاقِي الْأَقْسَامِ.

وَجْهُ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ

وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ﴾ يُوجِبُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْآيَةِ فَمَا فَوْقَهَا مُطْلَقًا لِصِدْقِ مَا تَيَسَّرَ عَلَى كُلِّ مَا قُرِئَ فَمَهْمَا قُرِئَ يَكُونُ الْفَرْضُ، وَمَعْنَى قِسْمِ السُّنَّةِ مِنْ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُجْعَلَ الْفَرْضُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مَا كَانَ يَجْعَلُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَعْلُهُ بِعَدَدِ أَرْبَعِينَ مَثَلًا إلَى مِائَةٍ.

وَمِمَّا يُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَفِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ وَتَعْيِينِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ عِنْدَهُ لَوْ قَرَأَ آيَةً هِيَ كَلِمَاتٌ أَوْ كَلِمَتَانِ نَحْو ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ أَوْ ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَلِمَةٌ اسْمًا أَوْ حَرْفًا نَحْوُ: مُدْهَامَّتَانِ ص ق ن فَإِنَّ هَذِهِ آيَاتٌ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عَادًّا لَا قَارِئًا وَكَوْنُ نَحْوِ ص حَرْفًا غَلَطٌ، بَلْ الْحَرْفُ مُسَمَّى ذَلِكَ وَهُوَ لَيْسَ الْمَقْرُوءَ، وَالْمَقْرُوءُ هُوَ الِاسْمُ صَادٌ كَلِمَةٌ، فَالصَّوَابُ فِي التَّقْسِيمِ أَنْ يُقَالَ هِيَ كَلِمَتَانِ أَوْ كَلِمَةٌ، وَلَوْ قَرَأَ نِصْفَ آيَةٍ طَوِيلَةٍ مِثْلُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْمُدَايَنَةِ قِيلَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْآيَةِ، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْجَوَازِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ قِصَارٍ، وَتَعْيِينُ الْآيَةِ لِيَصِيرَ قَارِئًا عُرْفًا وَهُوَ بِذَلِكَ كَذَلِكَ، أَمَّا الْكَرَاهَةُ فَثَابِتَةٌ مَا لَمْ يَقْرَأْ الْوَاجِبَ إلَّا فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ، وَلَوْ قَرَأَ نِصْفَ آيَةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ كَرَّرَ كَلِمَةً مِرَارًا حَتَّى بَلَغَ قَدْرَ آيَةٍ لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَارِئًا بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الْمَذْكُورِ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَلَهُ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ) فَكَانَ مُقْتَضَاهُ الْجَوَازَ بِدُونِ الْآيَةِ، وَبِهِ جَزَمَ الْقُدُورِيُّ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>