قَالَ (وَمَنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ فَقَضَاهُ الْأَلْفَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا) لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْقَابِضِ عَلَى احْتِمَالِ قَضَائِهِ الدَّيْنَ فَلَا يَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ مَا بَقِيَ هَذَا الِاحْتِمَالُ، كَمَنْ عَجَّلَ زَكَاتَهُ وَدَفَعَهَا إلَى السَّاعِي،
الْمَوْلَى كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ فَقَضَاهُ) أَيْ قَضَى الرَّجُلَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ الْكَفِيلُ (الْأَلْفَ) الَّتِي كَفَلَ بِهَا (قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الْأَلْفَ (صَاحِبَ الْمَالِ) وَذِكْرُ ضَمِيرِ يُعْطِيَهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَالِ أَوْ الْمَكْفُولِ بِهِ لَازِمٌ مِنْ قَوْلِهِ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ وَصَاحِبُ الْمَالِ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ لِيُعْطِيَ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي هُوَ ضَمِيرُ الْمَالِ الْمُقَدَّمُ فِي يُعْطِيَهُ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا) وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيِّ.
وَفِي وَجْهٍ آخَرَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْأَصِيلُ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَأَنَّ الْأَمَانَةَ مَا إذَا كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْكَفِيلِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ إلَى الطَّالِبِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُ، وَهَذَا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ (لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْقَابِضِ عَلَى احْتِمَالِ قَضَائِهِ الدَّيْنَ فَلَا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ مَا بَقِيَ هَذَا الِاحْتِمَالُ) إلْحَاقًا بِالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ لِلسَّاعِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْقَابِضِ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَتِمَّ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ فَلَمْ يَجُزْ اسْتِرْدَادُهُ شَرْعًا مَا بَقِيَ هَذَا الِاحْتِمَالُ (وَ) الْوَجْهُ الثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute