للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا النَّوَائِبُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَجْرِ الْحَارِسِ وَالْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ وَفِدَاءِ الْأَسَارَى وَغَيْرِهَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهَا عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ فِي زَمَانِنَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ، وَمِمَّنْ يَمِيلُ إلَى الصِّحَّةِ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ، وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَقَدْ قِيلَ: هِيَ النَّوَائِبُ بِعَيْنِهَا أَوْ حِصَّةٌ مِنْهَا وَالرِّوَايَةُ بِأَوْ، وَقِيلَ هِيَ النَّائِبَةُ الْمُوَظَّفَةُ الرَّاتِبَةُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّوَائِبِ مَا يَنُوبُهُ غَيْرُ رَاتِبٍ وَالْحُكْمُ مَا بَيَّنَّاهُ.

وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ.

(وَأَمَّا النَّوَائِبُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ) لِلْعَامَّةِ (وَأُجْرَةِ الْحَارِسِ) لِلْمَحَلَّةِ الَّذِي يُسَمَّى فِي دِيَارِ مِصْرَ الْخَفِيرُ (وَالْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ) فِي حَقِّ (وَفِدَاءِ الْأَسَارَى) إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ (وَغَيْرِهَا) مِمَّا هُوَ بِحَقٍّ (فَالْكَفَالَةُ بِهِ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُوسِرٍ بِإِيجَابِ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَلْزَمْ بَيْتَ الْمَالِ أَوْ لَزِمَهُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ (وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ) الْمُوَظَّفَةِ عَلَى النَّاسِ (فِي زَمَانِنَا) بِبِلَادِ فَارِسٍ عَلَى الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمْ لِلسُّلْطَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهَا ظُلْمٌ.

فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا، فَقِيلَ: تَصِحُّ إذْ الْعِبْرَةُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ وُجُودُ الْمُطَالَبَةِ إمَّا بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ مَنْ تَوَلَّى قِسْمَتَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فَهُوَ مَأْجُورٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْكَفَالَةَ ضَمٌّ فِي الدَّيْنِ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا هَاهُنَا، وَمَنْ قَالَ فِي الْمُطَالَبَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ بِصِحَّتِهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَمْنَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ مَعْنَاهُ أَوْ مُطْلَقًا (وَمِمَّنْ يَمِيلُ إلَى الصِّحَّةِ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ) يُرِيدُ فَخْرَ الْإِسْلَامِ، أَمَّا أَخُوهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فَأَبَى صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِهَا (وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَقِيلَ: هِيَ النَّوَائِبُ بِعَيْنِهَا أَوْ حِصَّةٌ مِنْهَا) إذَا قَسَمَهَا الْإِمَامُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى كَوْنِ الرِّوَايَةِ قَسَمَ بِلَا هَاءٍ، لِأَنَّ قِسْمَةً فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى قَسَمَ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾ إذْ لَا مَعْنَى لِضَمَانِ حَقِيقَةِ الْقِسْمَةِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، لَكِنْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يَنْبَغِي كَوْنُ الرِّوَايَةِ بِالْوَاوِ لِيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ بِأَوْ (وَقِيلَ النَّائِبَةُ الْمُوَظَّفَةُ الرَّاتِبَةُ وَالْمُرَادُ بِالنَّوَائِبِ) مَا هُوَ (مِنْهَا غَيْرُ رَاتِبٍ) فَتَغَايَرَا (وَالْحُكْمُ) يَعْنِي فِي الْقِسْمَيْنِ (مَا بَيَّنَّاهُ) مِنْ الصِّحَّةِ فِي أَحَدِهِمَا وَالْخِلَافِ فِي الْأُخْرَى، ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: الْأَفْضَلُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>