للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ أَصِيلٌ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ كَفِيلٌ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا عَلَيْهِ بِحَقِّ الْأَصَالَةِ وَبِحَقِّ الْكَفَالَةِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَيْنٌ وَالثَّانِيَ مُطَالَبَةٌ، ثُمَّ هُوَ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ فَيَقَعُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَفِي الزِّيَادَةِ لَا مُعَارَضَةَ فَيَقَعُ عَنْ الْكَفَالَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ أَدَاءَ نَائِبِهِ كَأَدَائِهِ

لَمَّا نَزَلَ هَذَا مِمَّا قَبْلَهُ مَنْزِلَةَ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْمُفْرَدِ ذَكَرَهُ عَقِيبَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى اثْنَيْنِ بِأَنْ اشْتَرَيَا مَعًا عَبْدًا بِأَلْفٍ) أَوْ اقْتَرَضَا مَعًا (وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزَّائِدِ لِ) وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا (أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ أَصِيلٌ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ كَفِيلٌ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا عَلَيْهِ بِحَقِّ الْأَصَالَةِ وَ) مَا عَلَيْهِ (بِحَقِّ الْكَفَالَةِ) لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ وَضَعْفِ الثَّانِي (لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَيْنٌ) عَلَيْهِ.

(وَالثَّانِيَ مُطَالَبَةٌ) بِلَا دَيْنٍ (ثُمَّ هُوَ تَابِعٌ) فَوَجَبَ صَرْفُ الْمُؤَدِّي عَنْ الْأَقْوَى تَقْدِيمًا لَهُ عَلَى الْأَضْعَفِ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْلِ وَالْعَادَةِ. لَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الدَّيْنَ عَلَى الْكَفِيلِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ يَكُونُ الْمُؤَدِّي بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِهَذَا إلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ بِنِيَّتِهِ أَوْ بِلَفْظِهِ إلَى أَحَدِهِمَا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْحُكْمُ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الدَّيْنَ الثَّابِتَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ لَيْسَ بِقُوَّةِ الْكَائِنِ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا اشْتَرَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا كَانَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ كَفَلَ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ.

وَأَيْضًا لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ، وَلَوْ كَفَلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُصْرَفُ بِنِيَّتِهِ. قُلْنَا: التَّعْيِينُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ وَهَذَا دَيْنٌ وَاحِدٌ، حَتَّى لَوْ كَانَ نِصْفُ الدَّيْنِ بِقَرْضٍ مَثَلًا وَنِصْفُهُ بِبَيْعٍ وَعَيْنٍ صَحَّ إذْ فِي الْجِنْسَيْنِ يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُفِيدٌ.

ثَانِيهِمَا (أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ عَنْ صَاحِبِهِ) لِلْكَفَالَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ (فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ) بِعَيْنِ مَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ الْمُؤَدِّي (لِأَنَّ أَدَاءَ نَائِبِهِ) يَعْنِي كَفِيلَهُ بِأَمْرِهِ (كَأَدَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>