عَلَى وَجْهٍ يَخْلُفُهَا قِيمَتُهَا، وَقَدْ الْتَزَمَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ وَبَعْدَ الْمَوْتِ تَبْقَى الْقِيمَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْأَصِيلِ فَكَذَا عَلَى الْكَفِيلِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
قَالَ (وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّاهُ أَوْ كَانَ الْمَوْلَى كَفَلَ عَنْهُ فَأَدَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ) وَقَالَ زُفَرُ: يَرْجِعُ، وَمَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَتَّى تَصِحَّ كَفَالَتُهُ بِالْمَالِ عَنْ الْمَوْلَى إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ، أَمَّا كَفَالَتُهُ عَنْ الْعَبْدِ فَتَصِحُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ. لَهُ أَنَّهُ تَحَقَّقَ الْمُوجِبُ لِلرُّجُوعِ وَهُوَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَالْمَانِعُ وَهُوَ الرِّقُّ قَدْ زَالَ. وَلَنَا أَنَّهَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا وَكَذَا الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ،
عَلَى وَجْهٍ يُخَلِّفُهَا قِيمَتَهَا (وَقَدْ الْتَزَمَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ الْقِيمَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَكَذَا عَلَى الْكَفِيلِ) فَهُوَ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِالْمَغْصُوبِ حَيْثُ يُؤْخَذُ بِرَدِّ عَيْنِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقِيمَتِهِ. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَفَلَ بِمَالٍ هُوَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ فَمَاتَ يَجِبُ ضَمَانُهُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فِيهِ هُوَ الْعَبْدُ، وَكَذَا عَنْ الْحُرِّ فَمَاتَ الْحُرُّ مُفْلِسًا لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، بِخِلَافِ مَنْ كَفَلَ عَنْ الْمُفْلِسِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ.
. (قَوْلُهُ وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ فَأَدَّى أَوْ كَانَ الْمَوْلَى كَفَلَ عَنْ عَبْدِهِ وَأَدَّى بَعْدَ عِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ) بِشَيْءٍ (وَ) نُقِلَ (عَنْ زُفَرَ ﵀) فِي شَرْحِ الْجَامِعِ (أَنَّهُ يَرْجِعُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ) يَعْنِي ضَمَانَ الْعَبْدِ عَنْ سَيِّدِهِ (أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَتَّى تَصِحَّ كَفَالَتُهُ عَنْ سَيِّدِهِ) وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كَفَالَةَ الْعَبْدِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إنَّمَا تَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّبَرُّعُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ فَلِذَا لَا تَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ، غَيْرَ أَنَّ أَمْرَ السَّيِّدِ لَهُ بِهَا فَكٌّ لِلْحَجْرِ عَنْهُ فِيهِ فَتَصِحُّ حَتَّى تُبَاعَ رَقَبَتُهُ فِي دَيْنِ الْكَفَالَةِ إذَا كَفَلَ لِغَيْرِ السَّيِّدِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ مَالِيَّتَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهَا فَلَا يَعْمَلُ أَمْرُهُ إيَّاهُ بِالْكَفَالَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ لِمَوْلَاهُ الْحَقَّ فِي مَالِيَّتِهِ فَيَعْمَلُ إذْنُهُ لَهُ فِي أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ: وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَتْ صَحِيحَةً لِمَا بَيَّنَّا.
أَمَّا كَفَالَةُ السَّيِّدِ عَنْ الْعَبْدِ فَصَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا. فَإِنْ قِيلَ: دَيْنُ الْعَبْدِ الَّذِي يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى يُقْضَى مِنْ مَالِيَّتِهِ وَهِيَ مِلْكُ الْمَوْلَى فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَائِدَةَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْمَوْلَى بِالْمُطَالَبَةِ مَعَ الدَّيْنِ أَوَّلًا مَعَهُ لِيُقْضَى مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكْفُلْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ عَيْنًا إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لِيُبَاعَ، وَقَدْ لَا يَفِي ثَمَنَهُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِلُ لِلْغُرَمَاءِ إلَى تَمَامِ الدَّيْنِ وَبِالْكَفَالَةِ يَصِلُونَ (لِزُفَرَ ﵀ أَنَّهُ تَحَقَّقَ الْمُوجِبُ لِلرُّجُوعِ وَهُوَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَالْمَانِعُ وَهُوَ كَوْنُهُ عَبْدَهُ) وَلَا يَسْتَوْجِبُ وَاحِدٌ مِنْ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ دَيْنًا عَلَى الْآخَرِ (قَدْ زَالَ) بِالْعِتْقِ فَإِنَّ الْأَدَاءَ مِنْهُمَا بَعْدَهُ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ (وَلَنَا أَنَّهَا وَقَعَتْ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ) بِمَا قُلْنَا إنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا يَسْتَوْجِبُ دَيْنًا عَلَى الْآخَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute