للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَشْهَدُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا.

اسْتِصْحَابُ مَا فِي الْمَاضِي مِنْ كُفْرِهَا إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْمَسْأَلَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ اُعْتُبِرَ فِيهِمَا لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ.

فَإِنْ قِيلَ: اعْتِبَارُ الْحَالِ فِي مَاءِ الطَّاحُونَةِ شَاهِدًا لِلْمَاضِي عُمِلَ بِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالِاسْتِصْحَابِ فَإِنَّ بِهِ يَسْتَحِقُّ مَالِكُهَا أَجْرَ الْمَاضِي إذَا كَانَ جَارِيًا. أُجِيبَ بِأَنَّ هُنَاكَ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَقْدُ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّأْكِيدِ، وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلتَّأْكِيدِ. فِي مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ نَفْسُ السَّبَبِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ مَعَ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ فِي الدِّينِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

وَاسْتُشْكِلَ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَاتَ أَبِي مُسْلِمًا وَقَدْ كُنْت مُسْلِمًا حَالَ حَيَاتِهِ وَقَالَ الْآخَرُ صَدَقْت وَأَنَا أَيْضًا أَسْلَمْت حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إسْلَامِهِ وَقَالَ بَلْ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ الْمُتَّفَقِ عَلَى إسْلَامِهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ الْحَالُ حُكْمًا عَلَى إسْلَامِهِ فِيمَا مَضَى مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَارُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الطَّرِيقِ إذَا اخْتَلَفَا فِي تَمَامِ الْمَاضِي فِي ثُبُوتِ مَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْحَالِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارٍ مِنْهُ فَلَا يُصَارُ إلَى تَحْكِيمِ الْحَالِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ قَائِمًا، حَتَّى إنَّ فِي مَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِطَاعِ فِي بَعْضِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا شَهْرَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ شَهْرًا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ مُنْقَطِعًا كَانَ الْمَاءُ أَوْ جَارِيًا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ مُقَدَّرٍ هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِلْحَالِ. وَفِي مَسْأَلَةِ الِابْنَيْنِ وَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الِاخْتِلَافُ وَاقِعٌ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْإِسْلَامِ لَا فِي نَفْسِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَالثَّابِتُ فِي الْحَالِ نَفْسُ الْإِسْلَامِ لَا إسْلَامٌ مُقَدَّرٌ فَهَذَا هُوَ الْمَأْخَذُ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ مَسْأَلَةً وَهِيَ تَرُدُّ أَيْضًا شُبْهَةً عَلَى الْأَصْلِ: أَعْنِي كَوْنَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَثْبُتُ بِالظَّاهِرِ؛ وَهُوَ لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ فَصَارَ فَارًّا فَأَنَا أَرِثُ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ فِي الصِّحَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا أَنْكَرَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>