فَلَمْ يَصِحَّ.
الْأَوَّلُ (فَلَا يَصِحُّ) وَهَلْ يَضْمَنُ لِلِابْنِ الثَّانِي شَيْئًا. قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: إنَّهُ لَا يَغْرَمُ الْمُودَعُ لِلِابْنِ الثَّانِي شَيْئًا بِإِقْرَارِهِ لَهُ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّلَفُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ ثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْبُنُوَّةِ إقْرَارًا بِالْمَالِ. وَفِي الدِّرَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ نِصْفَ مَا أَدَّى لِلِابْنِ الثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ وَأَحْمَدُ فِي قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِلثَّانِي صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُودَعُ لِلِابْنِ الثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ بَدَأَ الْمُودَعُ بِالْإِقْرَارِ لِغَيْرِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ أَقَرَّ بِتَسْلِيمِ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْقَاضِي قِيمَتَهُ. قُلْنَا: هُنَا أَيْضًا يَضْمَنُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الِابْنِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي نِصْفَ مَا أَدَّى إلَى الْأَوَّلِ انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
وَاخْتُلِفَ فِي اللُّقَطَةِ إذَا أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِهَا لِرَجُلٍ هَلْ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؟ مَذْكُورٌ فِي اللُّقَطَةِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَوْ ادَّعَى الْوِصَايَةَ وَصَدَّقَهُ مُودِعُ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَاصِبُ مِنْهُ لَا يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الِابْنِ، فَلَوْ أَقَرَّ الْمُودَعُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ شَقِيقُهُ وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ أَوْ لِمَنْ ادَّعَى وَصِيَّةً بِأَلْفٍ مَثَلًا أَنَّهُ صَادِقٌ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ، بِخِلَافِ الِابْنِ لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ احْتَمَلَ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَوْهُومٌ وَالْبِنْتُ كَالِابْنِ وَفِي الْوَصِيَّةِ هُوَ مُقِرٌّ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَلَفٍ عَنْ الْمَيِّتِ، إذَا تَأَنَّى إنْ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَارِثٌ آخَرُ أَعْطَى كُلَّ مُدَّعٍ مَا أَقَرَّ بِهِ لَكِنْ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا أَعْطَاهُ الْمَالَ وَضَمِنَهُ إنْ كَانَ ثِقَةً حَتَّى لَا يَهْلَكُ أَمَانَةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ تَلَوَّمَ الْقَاضِي حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ، أَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمَالَ وَيَضْمَنُهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِشَيْءٍ بَلْ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهَ بِأَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا مُقَدَّرٌ بِحَوْلٍ، هَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ.
قَالَ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ، هَذَا إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ وَارِثٌ وَلَا أَدْرَى أَمَاتَ أَمْ لَا لَا يَدْفَعُ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا لَا قَبْلَ التَّلَوُّمِ وَلَا بَعْدَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَقُولُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَكُلُّ مَنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ كَالْأَخِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ كَالِابْنِ؛ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْغَائِبِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَمَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ وَقَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute