بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ ثَابِتٌ وَهُوَ مَعْلُومٌ.
وَأَمَّا الْآبِقُ وَاللُّقَطَةُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ. وَقِيلَ إنْ دَفَعَ بِعَلَامَةِ اللُّقَطَةِ أَوْ إقْرَارِ الْعَبْدِ يَكْفُلُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُمْنَعَ. وَقَوْلُهُ ظُلْمٌ: أَيْ مَيْلٌ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَهَذَا يَكْشِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ ﵀ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ لَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ.
قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فُلَانٍ الْغَائِبِ قُضِيَ لَهُ بِالنِّصْفِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي يَدِ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ وَلَا يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: إنْ كَانَ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ جَاحِدًا أُخِذَ مِنْهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ أَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْ تُرِكَ فِي يَدِهِ)
لَهُمَا أَنَّ الْجَاحِدَ خَائِنٌ فَلَا يُتْرَكُ الْمَالُ فِي يَدِهِ، بِخِلَافِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. وَلَهُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ مَقْصُودًا
أَمْرٍ زَائِدٍ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِتَوَجُّهِ حَقٍّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَجَّهُ بِالْمَوْهُومِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَوْلُهُ ظُلْمٌ) أَيْ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (يَكْشِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ لَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ) أَنَّهُ قَائِلٌ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ كَقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ جَرَّهُمْ إلَى هَذَا الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْأَصْلَحِ فَكَانَ صِيَانَةُ الْمُجْتَهِدِينَ عَنْ الْخَطَإِ وَتَقْرِيرُهُمْ عَلَى الصَّوَابِ وَاجِبًا. وَسَبَبُ نِسْبَةِ هَذَا الْقَوْلِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِيُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَالْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ.
وَلَوْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ مُتَنَاقِضًا، إذْ قَوْلُهُ وَالْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ أَصَابَ الْحَقَّ، وَإِلَّا لَكَانَ الْحَقُّ مُتَعَدِّدًا، فَلَزِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ: أَيْ يُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الِاجْتِهَادَ عَلَى الْمُتَأَهِّلِ لَهُ فَإِذَا اجْتَهَدَ فَقَدْ أَصَابَ بِسَبَبِ قِيَامِهِ بِالْوَاجِبِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ تَلَاعَنَا ثَلَاثًا فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا نَفَذَ وَقَالَ أَخْطَأَ السُّنَّةَ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ فُلَانٍ الْغَائِبِ قُضِيَ لَهُ بِالنِّصْفِ وَتَرَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ فِي يَدِ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ) إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ (وَلَا يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا: إنْ كَانَ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ) قَدْ (جَحَدَ) فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (أُخِذَ مِنْهُ) النِّصْفُ (فَوُضِعَ عَلَى يَدِ أَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَحَدَ تُرِكَ فِي يَدِهِ. لَهُمَا أَنَّ الْجَاحِدَ خَائِنٌ) ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِالْجَحْدِ (فَلَا يُتْرَكُ فِي يَدِهِ) لِقُرْبِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إمَّا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ كَذْبَةٌ أَوْ لِلْخِيَانَةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ) أَنَّهَا مَالُ الْمَيِّتِ مُودَعٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ وَقَدْ رَضِيَهُ الْمَيِّتُ فَكَانَ أَوْلَى بِحِفْظِهَا (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَضَاءَ) إنَّمَا (يَقَعُ أَوَّلًا لِلْمَيِّتِ مَقْصُودًا) لِأَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَنَّهُ مَالُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute