للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَلْفِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْأَلْفَيْنِ).

وَعَلَى هَذَا الْمِائَةُ وَالْمِائَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالطَّلْقَتَانِ وَالطَّلْقَةُ وَالثَّلَاثُ.

أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ غَيْرَ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ لِأَنَّهُ قَالَ مِنْ مَالِي وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْتَ مِنِّي فَلَا يَكُونُ مَا شَهِدَا بِهِ يُنَاقِضُهُ فَيَحْضُرُهُ لِيُشِيرَ إلَيْهِ بِالدَّعْوَى.

فَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ وَوُجِدَ شَرْطُ الْقَبُولِ فِي شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَهُوَ مَا طَابَقَ الدَّعْوَى مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فَالْوَاحِدُ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ لِلْقَاضِي. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الِاشْتِرَاطَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ احْتِرَازًا عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ الدَّعْوَى مُدَّعٍ خَاصٍّ غَيْرُ الشَّاهِدِ لَيْسَ شَرْطًا لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ الْقِيَامُ بِهِ فِي إثْبَاتِهِ، وَذَلِكَ لِلشَّاهِدِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَكَانَ قَائِمًا فِي الْخُصُومَةِ مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَشَاهِدًا مِنْ جِهَةِ تَحَمُّلِ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْتَجْ فِيهَا إلَى خَصْمٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ التَّطَابُقُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى أَيْضًا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ. ثُمَّ الشَّرْطُ فِي تَطَابُقِ الشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى) وَالْمُرَادُ مِنْ تَطَابُقِهِمَا تَطَابُقُ لَفْظِهِمَا عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ أَوْ بِمُرَادِفٍ، حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخِرُ بِالْعَطِيَّةِ قُبِلَتْ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ (فَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ) فَلَمْ يُقْضَ بِشَيْءٍ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَلْفِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفَيْنِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يَدَّعِي أَلْفًا لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شَاهِدَ الْأَلْفَيْنِ، إلَّا إنْ وَفَّقَ فَقَالَ كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفَانِ فَقَضَانِي أَلْفًا أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ أَلْفٍ وَالشَّاهِدُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي لَهُ بِالْأَلْفِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِمِائَتَيْنِ أَوْ بِطَلْقَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةٍ وَثَلَاثٍ لَا يُقْضَى بِطَلَاقٍ أَصْلًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالْأَقَلِّ، وَعَلَى هَذَا الْخَمْسَةُ وَالْعَشَرَةُ وَالْعَشَرَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ وَالدِّرْهَمُ وَالدِّرْهَمَانِ، وَهَذَا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ.

أَمَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ فِي كِيسٍ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْكِيسِ وَهُوَ أَلْفَا دِرْهَمٍ لَهُ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْكِيسِ لَهُ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِقْدَارِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ ذَكَرَهُ الْخَبَّازِيُّ.

وَبِقَوْلِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>