لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِ شَهَادَةِ الْأُصُولِ لِيَصِيرَ حُجَّةً فَيَظْهَرَ تَحْمِيلُ مَا هُوَ حُجَّةٌ. .
حَتَّى يَقُولَ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ. وَوَجَّهَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّحْمِيلِ.
أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّهُ يَقُولُ بِاشْتِرَاكِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فِي الضَّمَانِ إذَا رَجَعُوا، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ مُحَمَّدًا يُخَيِّرُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بَيْنَ تَضْمِينِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ مِنْ أَنَّهُ يُضَمِّنُ الْكُلَّ مَعًا، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْفُرُوعِ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْأُصُولِ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ مَعَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ رَجَعَ عَلَى غَاصِبِهِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا قَالَ فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّحْمِيلِ (لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ) يَعْنِي إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي (لِيَصِيرَ حُجَّةً فَيَظْهَرَ) بِالنَّقْلِ (تَحْمِيلُ مَا هُوَ حُجَّةٌ) يَعْنِي شَهَادَةَ الْأُصُولِ، وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ التَّحْمِيلِ لِوُجُوبِ النَّقْلِ، وَالنَّقْلُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالتَّحْمِيلِ، حَتَّى لَوْ سَمِعَ شَاهِدًا يَقُولُ لِرَجُلٍ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي إلَى آخِرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ، فَإِذَا نَقَلَ ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ التَّحْمِيلُ فَتَثْبُتُ عِنْدَهُ الْحُجَّةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمِعَ قَاضِيًا يَقُولُ لِآخَرَ قَضَيْت عَلَيْك بِكَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى قَضَائِهِ بِلَا تَحْمِيلٍ لِأَنَّ قَضَاءَهُ حُجَّةٌ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ نَفْسُهَا حُجَّةً حَتَّى تَصِلَ إلَى الْقَاضِي.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَوْنُ النَّقْلِ إلَى الْقَاضِي وَالْحُجِّيَّةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحْمِيلِ شَرْعًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ عَلَى الْأَصَحِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute