قَالَ (وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ الْفَرْعِ) لِأَنَّ التَّحْمِيلَ لَمْ يَثْبُتْ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ وَهُوَ شَرْطٌ.
(وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَا أَخْبَرَانَا أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِهَا فَجَاءَ بِامْرَأَةٍ وَقَالَا:
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا إذَا قَالَ الْفُرُوعُ حِينَ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي عَنْ عَدَالَةِ الْأُصُولِ لَا نُخْبِرُك بِشَيْءٍ لَمْ تَقْبَلْ شَهَادَتَهُمَا: أَيْ الْفُرُوعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْجَرْحِ كَمَا لَوْ قَالُوا نَتَّهِمُهُمْ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ لَا يَكُونُ جَرْحًا. لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ تَوْقِيفًا فِي حَالِهِمْ فَلَا يَثْبُتُ جَرْحًا بِالشَّكِّ انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيُسْأَلُ غَيْرُهُمَا. وَلَوْ قَالَا: لَا نَعْرِفُ عَدَالَتَهُمَا وَلَا عَدَمَهَا، فَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَيَسْأَلُ عَنْ الْأُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقِيَ مَسْتُورًا فَيُسْأَلُ عَنْهُ.
وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي عَدْلٍ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَا يُدْرَى أَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ أَمْ لَا؟ فَشَهِدَا عَلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ، إنْ كَانَ الْأَصْلُ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا عَنْهُ لِأَنَّ عَثْرَةَ الْمَشْهُورِ يُتَحَدَّثُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ لَا يَقْضِي بِهِ، وَلَوْ أَنَّ فَرَعَيْنَ مَعْلُومًا عَدَالَتُهُمَا شَهِدَا عَنْ أَصْلٍ وَقَالَا لَا خَيْرَ فِيهِ وَزَكَّاهُ غَيْرُهُمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى جَرْحِهِ.
وَفِي التَّتِمَّةِ: إذَا شَهِدَ أَنَّهُ عَدْلٌ لَيْسَ فِي الْمِصْرِ مَنْ يَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ مَوْضِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ: يَعْنِي بِأَنْ تُخْفَى فِيهِ الْمَسْأَلَةُ سَأَلَهُمَا عَنْهُ أَوْ بَعَثَ مَنْ يَسْأَلُهُمَا عَنْهُ سِرًّا، فَإِنْ عَدَّلَاهُ قُبِلَ وَإِلَّا اكْتَفَى بِمَا أَخْبَرَاهُ عَلَانِيَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ) لِأَنَّ إنْكَارَهُمَا الشَّهَادَةَ إنْكَارٌ لِلتَّحْمِيلِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْقَبُولِ فَوَقَعَ فِي التَّحْمِيلِ تَعَارُضُ خَبَرِهِمَا بِوُقُوعٍ، وَخَبَرُ الْأُصُولِ بِعَدَمِهِ وَلَا ثُبُوتَ مَعَ التَّعَارُضِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ) هَكَذَا عِبَارَةُ الْجَامِعِ وَتَمَامُهُ فِيهِ. فَيَقُولَانِ قَدْ أَخْبَرَانَا أَنَّهُمَا يَعْرِفَانِهَا وَيَجِيئَانِ بِامْرَأَةٍ فَيَقُولَانِ لَا نَدْرِي هِيَ هَذِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: يُقَالُ لِلْمُدَّعِي هَاتِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ الْفُلَانِيَّةُ بِعَيْنِهَا فَأُجِيزُ الشَّهَادَةَ.
وَالْمُصَنِّفُ أَفْرَدَ فَقَالَ (فَجَاءَ بِامْرَأَةٍ) يَعْنِي الْمُدَّعِيَ جَاءَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute