للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ) لِأَنَّهُمَا أَكَّدَا ضَمَانًا عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ أَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ الْمَهْرُ أَصْلًا وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ فَيُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِ الْمَهْرِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ

سُؤَالٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ.

حَاصِلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أَثْبَتَا الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، وَبِهِ لَا يَزُولُ مِلْكَهُ عَنْ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يَزُولُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ مُخْتَارًا فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ سَبَبَ التَّلَفِ الْعَقْدُ السَّابِقُ وَثُبُوتُهُ بِشَهَادَتِهِمْ فَيُضَافُ إلَيْهِمْ.

غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ سَكَتَ إلَى أَنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ رِضَاهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ لِتَحَرُّزِهِ عَنْ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ الْكَذِبُ لِأَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ، فَإِذَا فَسَخَ كَانَ مُعْتَرِفًا بِصُدُورِهِ مِنْهُ فَيَظْهَرُ لِلنَّاسِ تَنَاقُضُهُ وَكَذِبُهُ، وَالْعَاقِلُ يَحْتَرِزُ عَنْ مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّ فِيهِ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُفْسَخْ وَفِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ نُقْصَانٌ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ ضَمِنَاهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ أَجَازَهُ فِي الْمُدَّةِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِاخْتِيَارِهِ، كَمَا لَوْ أَجَازَهُ الْبَائِعُ فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْخِيَارِ لَهُ بِثَمَنٍ نَاقِصٍ عَنْ الْقِيمَةِ حَيْثُ يَسْقُطُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ) هَذَا إذَا كَانَ فِي الْعَقْدِ مَهْرٌ مُسَمًّى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَا الْمُتْعَةَ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ فِيهِ، وَذَلِكَ (لِأَنَّهُمَا أَكَّدَا مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ) وَعَلَى الْمُؤَكِّدِ مَا عَلَى الْمُوجِبِ.

أَمَّا كَوْنُهُ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ فَإِنَّ الْمَهْرَ بِحَيْثُ لَوْ ارْتَدَّتْ الزَّوْجَةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ أَصْلًا. وَأَمَّا أَنَّ عَلَى الْمُؤَكِّدِ مَا عَلَى الْمُوجِبِ فَبِمَسْأَلَتَيْنِ: هُمَا مَا إذَا أَخَذَ مُحْرِمٌ صَيْدَ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ آخَرُ يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الْآخَرِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ أَكَّدَ مَا كَانَ بِحَيْثُ يَسْقُطُ بِأَنْ يَتُوبَ فَيُطْلِقُهُ، وَمَا إذَا أَكْرَهَ رَجُلٌ آخَرُ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَكَذَلِكَ بِارْتِدَادِهَا وَنَحْوِهِ (وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ فَتُوجِبُ سُقُوطُ كُلِّ الْمَهْرِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ) أَيْ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ مِنْ أَنَّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَعُودُ الْمَعْقُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>