مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَالْعَبْدَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ عَلَى نَفْسِهِ مَالِكٌ لَهُ وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَالتَّوْكِيلُ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْتِزَامُ الْعُهْدَةِ. أَمَّا الصَّبِيُّ لِقُصُورِ أَهْلِيَّتِهِ وَالْعَبْدُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَتَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ، فَإِذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ يَتَخَيَّرُ كَمَا إذَا عَثَرَ عَلَى عَيْبٍ.
الْعَاقِلَ (مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ) حَتَّى (نَفَذَ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَالْعَبْدُ) مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِي (حَقِّ نَفْسِهِ مَالِكٌ لَهُ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَالتَّوْكِيلُ لَيْسَ تَصَرُّفًا) مِنْ الْمُوَكِّلِ (فِي حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْتِزَامُ الْعُهْدَةِ، فَالصَّبِيُّ لِقُصُورِ أَهْلِيَّتِهِ وَالْعَبْدُ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَتَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ) وَيُعْرَفُ مِنْ كَوْنِ انْتِفَاءِ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ أَنْ بَاشَرَ الشِّرَاءَ لَزِمَتْهُ الْحُقُوقُ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَوْ بَاشَرَ مَا وُكِّلَ بِهِ ثُمَّ بَلَغَ لَا تَرْجِعَ إلَيْهِ.
وَأَمَّا مَفْهُومُهُ فَهُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ كَانَ صَبِيًّا مَأْذُونًا أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا تَعَلَّقَتْ الْحُقُوقُ بِهِمَا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ بَلْ ذَكَرَ فِيهِ تَفْصِيلًا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ: إنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَبِيًّا مَأْذُونًا، فَإِنْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ فَبَاعَ لَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ أَوْ بِالشِّرَاءِ إنْ كَانَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَيُطَالِبُ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ الْآمِرُ لَا الصَّبِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ ضَمَانُ كَفَالَةٍ لَا ضَمَانُ ثَمَنٍ، لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلضَّامِنِ فِي الْمُشْتَرِي وَهَذَا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلضَّامِنِ إنَّمَا الْتَزَمَ مَا لَا عَلَى مُوَكِّلِهِ اسْتَوْجَبَ مِثْلُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَعْنَى الْكَفَالَةِ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ لَا ضَمَانُ كَفَالَةٍ.
وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنِ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعُهْدَةُ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ مِلْكًا حُكْمِيًّا فِي الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ. وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ أَهْلٍ أَنْ يَلْزَمَهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ بِمَا يَضْمَنُ مِنْ الثَّمَنِ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الِاسْتِيفَاءِ، وَالْعَبْدُ إذَا تَوَكَّلَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ الْمَحْجُورَيْنِ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute