للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيُرَاعَى جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ.

(وَيُكْرَهُ لَهُنَّ حُضُورُ الْجَمَاعَاتِ) يَعْنِي الشَّوَابَّ مِنْهُنَّ لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (وَلَا بَأْسَ لِلْعَجُوزِ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَقَالَا يَخْرُجْنَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا) لِأَنَّهُ لَا فِتْنَةَ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ إلَيْهَا فَلَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْعِيدِ.

لِأَنَّ الْمَثْنَى لَيْسَ جَمْعًا تَامًّا فَكَانَا كَوَاحِدَةٍ فَلَا يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الثِّنْتَانِ كَالثَّلَاثِ، وَعَنْهُ: الثَّلَاثُ كَالثِّنْتَيْنِ فَلَا تَفْسُد إلَّا صَلَاةُ خَمْسَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِالثَّلَاثِ تَفْسُدُ صَلَاةُ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَآخَرُ عَنْ شِمَالِهِنَّ وَثَلَاثَةٌ ثَلَاثَةٌ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ. وَفِي رِوَايَةِ الثَّلَاثِ كَالصَّفِّ التَّامِّ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ جَمِيعِ الصُّفُوفِ الَّتِي خَلْفَهُنَّ، وَالْقِيَاسُ فِي الصَّفِّ التَّامِّ أَنْ يَفْسُدَ بِهِ صَلَاةُ صَفٍّ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا فَسَادَ الْكُلِّ بِنَقْلِهِمْ عَنْ عُمَرَ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إمَامِهِ طَرِيقٌ أَوْ نَهْرٌ أَوْ صَفٌّ مِنْ صُفُوفِ النِّسَاءِ فَلَيْسَ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَيُرَاعَى جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ) وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي صَلَاتِهِ مُطْلَقَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسَادَ بِهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَهَذَا إنَّمَا يَنْتَهِضُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقَةً لَا فِي الْكُلِّ وَعَلَّلَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ بِأَنَّ الْمُورَدَ الْجَمَاعَةُ الْمُطْلَقَةُ وَهِيَ بِالشَّرِكَةِ وَالْكَمَالِ

(قَوْلُهُ يَعْنِي الشَّوَابَّ مِنْهُنَّ) تَقْيِيدٌ فِي حَقِّ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي إطْلَاقِ الْحُكْمِ لَا فِي أَصْلِ الْحُكْمِ، فَإِنَّ الْعَجُوزَ مَمْنُوعَةٌ عِنْدَهُ فِي الْبَعْضِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» وَقَوْلُهُ «إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» وَالْعُلَمَاءُ خَصُّوهُ بِأُمُورٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا وَمَقِيسَةٍ، فَمِنْ الْأَوَّلِ مَا صَحَّ أَنَّهُ قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ» وَكَوْنُهُ لَيْلًا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ فِي مُسْلِمٍ «لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ إلَّا بِاللَّيْلِ» وَالثَّانِي حُسْنُ الْمُلَابِسِ وَمُزَاحَمَةُ الرِّجَالِ لِأَنَّ إخْرَاجَ الطِّيبِ لِتَحْرِيكِهِ الدَّاعِيَةُ فَلَمَّا فُقِدَ الْآنَ مِنْهُنَّ هَذَا لِأَنَّهُنَّ يَتَكَلَّفْنَ لِلْخُرُوجِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي الْمَنْزِلِ مُنِعْنَ مُطْلَقًا لَا يُقَالُ: هَذَا حِينَئِذٍ نُسِخَ بِالتَّعْلِيلِ. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَنْعُ يَثْبُتُ حِينَئِذٍ بِالْعُمُومَاتِ الْمَانِعَةِ مِنْ التَّفْتِينِ، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ بِشَرْطٍ فَيَزُولَ بِزَوَالِهِ كَانْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي الصَّحِيحِ: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>