وَالْبَلْوَى فِيمَا يُسْبَقُ دُونَ مَا يَتَعَمَّدُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ (وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ) تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ،
أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ ﷺ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَأَحْدَثَ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ» وَلَوْ صَحَّ مَا رَوَاهُ لَمْ يَجُزْ اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ إذْ لَا صَارِفَ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ.
فَإِنْ قُلْت: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِخْلَافِ شَرْعًا فِي الصَّلَاةِ؟ قِيلَ فِيهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عُمَرُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ رَجَعَ يَخْرِقُ الصُّفُوفَ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا إذَا نَحْنُ بِعُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ سَارِيَةٍ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: لَمَّا دَخَلْت فِي الصَّلَاةِ وَكَبَّرْت رَابَنِي شَيْءٌ فَلَمَسْت بِيَدِي فَوَجَدْت بِلَّةً.
وَلِلْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: إنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ عُمَرَ ﵁ غَدَاةَ أُصِيبَ إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَمَا هُوَ إلَّا أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْته يَقُولُ: قَتَلَنِي أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ.
وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَلِيٌّ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَعَفَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ وَانْصَرَفَ (قَوْلُهُ وَالْبَلْوَى) جَوَابٌ عَنْ إلْحَاقِهِ بِالْحَدَثِ الْعَمْدِ: يَعْنِي أَنَّ الْمَعْقُولَ أَنَّ تَجْوِيزَ الْبِنَاءِ لَهُ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ فِيمَا فِيهِ بَلْوًى وَهُوَ مَا يُسْبَقُ. أَمَّا الْعَمْدُ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِقَابَ فَضْلًا عَنْ التَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ) بِنَاءً عَلَى صَرْفِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَلْيَبْنِ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute