للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَهُمَا، فَاعْتِرَاضُ هَذِهِ الْعَوَارِضِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاعْتِرَاضِهَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَهُمَا كَاعْتِرَاضِهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ. لَهُمَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ . وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ صَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ هَذِهِ.

وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا.

أَيْ فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، قِيلَ قَائِلُهُ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ) أَيْ إذَا قُلْت هَذَا أَوْ فَعَلْت هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك (قَوْلُهُ وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ لَا بِلَا اخْتِيَارٍ.

وَقَدْ يُقَالُ: اقْتِضَاءُ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِيَارِ لِيَنْتَفِيَ الْجَبْرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَقَاصِدِ لَا الْوَسَائِلِ، وَإِذًا لَوْ حُمِلَ مُغْمًى عَلَيْهِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأَفَاقَ فَتَوَضَّأَ فِيهِ أَجْزَأَهُ عَنْ السَّعْيِ، وَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِيُتَوَصَّلَ، فَكَذَا إذَا تَحَقَّقَ الْقَاطِعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِلَا اخْتِيَارٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى صَلَاةٍ أُخْرَى، وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلٌ هُوَ قُرْبَةُ قَاطِعٍ. فَلَوْ فَعَلَ مُخْتَارًا مُحَرَّمًا أَثِمَ لِمُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ.

وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُ لَيْسَ لِعَدَمِ الْفِعْلِ بَلْ لِلْأَدَاءِ مَعَ الْحَدَثِ، إذْ بِالرُّؤْيَةِ وَانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْقِطَاعِ الْعُذْرِ يَظْهَرُ السَّابِقُ فَيَسْتَنِدُ النَّقْصُ فَيَظْهَرُ فِي هَذِهِ لِقِيَامِ حُرْمَتِهَا حَالَةَ الظُّهُورِ، بِخِلَافِ الْمُنْقَضِيَةِ لَيْسَ بِمُطَّرِدٍ وَلَوْ سُلِّمَ أَيْضًا.

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ بِفِعْلِهِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. بَلْ هُوَ حُمِلَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا رَأَى خِلَافَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَاخْتَصَّ بِفِعْلٍ هُوَ قُرْبَةٌ، وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عِنْدَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ فِي أَثْنَائِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>