للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْإِمَامِ لِوُجُودِ الْقَهْقَهَةِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ.

(وَمَنْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى،

سَاهِيًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ سَهْوِهِ بَعْدَ انْفِرَادِهِ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ فَهُوَ سَلَامُ عَمْدٍ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ، وَلَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ وَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِمَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ.

وَأَشْبَهَهُمَا فَسَادُ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرِ لَا، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَالْأَوَّلُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ سَجْدَتَيْنِ كَزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ مُفْسِدٌ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي مَسَائِلِ السَّجَدَاتِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ قَالُوا: لَوْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا قُيِّدَ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ.

وَالْحَقُّ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ لِذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ: لَا تَفْسُدُ بِزِيَادَةِ سَجْدَتَيْنِ، بَلْ الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ الِاقْتِدَاءُ فِي مَوْضِعٍ عَلَيْهِ الِانْفِرَادُ فِيهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّاحِقَ إذَا سَجَدَ لِسَهْوِ الْإِمَامِ مَعَ الْإِمَامِ تَكُونُ زِيَادَةُ سَجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهِمَا حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ.

وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَعَادَ إلَى قَضَائِهَا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ ذَلِكَ وَيُتَابِعُ فِيهَا وَيَسْجُدُ مَعَهُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ عَوْدَ الْإِمَامِ إلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ يَرْفُضُ الْقَعْدَةَ، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَصِرْ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ دُونَ رَكْعَةٍ فَيُرْتَفَضُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، وَإِذَا ارْتُفِضَتْ لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْفِرَادُ لِأَنَّ هَذَا أَوَانُ افْتِرَاضِ الْمُتَابَعَةِ وَالِانْفِرَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، وَلَوْ تَابَعَهُ بَعْدَ تَقْيِيدِهَا بِالسَّجْدَةِ فِيهَا فَسَدَتْ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ.

فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الصَّلَاةِ تَفْسُدُ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا. وَجْهُ رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ رَفَضَ الْقَعْدَةَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ انْفَرَدَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ.

وَجْهُ نَوَادِرِ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ ارْتِفَاضَ الْقَعْدَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا تَمَّ انْفِرَادَهُ وَخَرَجَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ ارْتُفِضَتْ كُلُّهَا فِي حَقِّهِ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ انْفِرَادِهِ بِأَنْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ الْإِمَامُ بَعْدَ إتْمَامِهَا، أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِقَوْمٍ ثُمَّ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ اُرْتُفِضَ ظُهْرُهُ فِي حَقِّهِ لَا حَقِّهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُقِيمًا لَوْ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ وَقَامَ قَبْلَ سَلَامِهِ لِلْإِتْمَامِ فَنَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ حَتَّى تَحَوَّلَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ عَادَ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ، وَإِنْ سَجَدَ فَإِنْ عَادَ فَسَدَتْ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَمَضَى عَلَيْهَا وَأَتَمَّ لَا تَفْسُدُ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَعَادَ إلَيْهَا يُتَابِعُهُ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ، وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ تَفْسُدُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَادَ أَوْ لَمْ يَعُدْ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ، وَعَلَيْهِ رُكْنَانِ: السَّجْدَةُ وَالْقَعْدَةُ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ إكْمَالِ الرَّكْعَةِ، وَلَوْ انْفَرَدَ وَعَلَيْهِ رُكْنٌ فَسَدَتْ فَهُنَا أَوْلَى، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ أَوْ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ تَفْسُدُ، وَالتَّخْرِيجُ غَيْرُ خَافٍ فِيمَا يَرِدُ عَلَيْك، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَنِي فَسَادُ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ إذَا اقْتَدَيَا بِمِثْلِهِمَا، ثُمَّ الْمَسْبُوقُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي التَّشَهُّدِ، حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، وَلَوْ تَرَكَ فِي إحْدَاهُمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً بِتَشَهُّدٍ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ.

وَلَوْ تَرَكَ جَازَتْ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً وَيَقْرَأَ فِيهَا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَيَتَشَهَّدَ، لِأَنَّهُ يَقْضِي الْآخِرَ فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ وَيَقْضِي رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا كَذَلِكَ وَلَا يَتَشَهَّدُ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَتَخَيَّرُ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ، وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَيَتَشَهَّدُ، وَلَوْ تَرَكَ فِي إحْدَاهُمَا فَسَدَتْ لِأَنَّ مَا يَقْضِي أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَلَوْ كَانَ إمَامُهُ تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَيَيْنِ وَقَضَاهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>