للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ»

فِي ضَبْطِ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَحْمَدَ قَدْ اضْطَرَبُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَقَالَ: قَدْ جَوَّدَهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

وَفِي مُصَنِّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ رُزْءًا أَوْ رُعَافًا أَوْ قَيْئًا فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ تَكَلَّمَ اسْتَقْبَلَ وَلَا اعْتَدَّ بِمَا مَضَى وَالْحَارِثُ ضُعِّفَ، وَمِثْلُهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُمَرَ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَنْهُ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُضِيِّ فِي الصَّلَاةِ لِذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي جُرِحَ فِي الصَّلَاةِ بِلَا مِرْيَةٍ

وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ بِالدَّمِ وَالْقَيْءِ وَالضَّحِكِ حَدِيثٌ إنْ سَلِمَ لَمْ يَقْدَحْ؛ لِأَنَّ الْحُجِّيَّةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الصِّحَّةِ بَلْ الْحَسَنُ كَافٍ عَلَى أَنَّهُ رَأَى هَذَا الْقَائِلَ، فَأَمَّا مُجْتَهِدٌ عَلِمَ بِالِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَغَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ صِحَّتُهُ فَهُوَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، إذْ مُجَرَّدُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّرْجِيحِ وَثُبُوتِ الصِّحَّةِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَلَسِ حَدَثَ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي الْإِطْلَاقِ الْكَائِنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَيَّاشٍ غُنْيَةً عَنْهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ «لَيْسَ فِي الْفِطْرَةِ» إلَى آخِرِهِ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَفِي الْآخَرِ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ وَقَدْ ضُعِّفَا، وَلَفْظَةُ الْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ كِنَايَةٌ عَلَى الْقِلَّةِ، وَلَفْظُ سَائِلًا كِنَايَةٌ عَنْ الْكَثْرَةِ، فَإِنَّ لَفْظَةَ الْقَطْرَةِ فِي الْعُرْفِ يُرَادُ بِهِ الْقِلَّةُ وَضِدُّهُ مَاءٌ سَائِلٌ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْقَطْرَةِ إذَا وُجِدَتْ نُقِضَ اتِّفَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِطَرِيقٍ صِنَاعِيٍّ كَمَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ أَوْ دَسْعَةٌ تَمْلَأُ الْفَمَ فَلَمْ يُعْرَفْ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ عَنْهُ : «يُعَادُ الْوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ إقْطَارِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ السَّائِلِ وَالْقَيْءِ، وَمِنْ دَسْعَةٍ تَمْلَأُ الْفَمَ، وَنَوْمِ الْمُضْطَجِعِ، وَقَهْقَهَةِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ، وَخُرُوجِ الدَّمِ». وَفِيهِ سَهْلُ بْنُ عَفَّانَ وَالْجَارُودُ بْنُ يَزِيدَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، فَحَصَلَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حُجِّيَّةُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَحَدِيثِ ابْنِ عَيَّاشٍ وَحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءَ فَلَا يُعَارِضُهَا غَيْرُهَا مِمَّا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَوْ أَرْخَيْنَا الْعِنَانَ وَجَعَلْنَاهَا تَتَعَارَضُ فَإِنْ جَمَعْنَا، وَهُوَ أَوْلَى عِنْدَ الْإِمْكَانِ كَانَ مَحْمَلُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْقَلِيلِ فِي الْقَيْءِ وَمَا لَمْ يَسِلْ، وَمَا رَوَاهُ زُفَرُ عَلَى الْكَثِيرِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَإِنْ أَسْقَطْنَاهَا صِرْنَا إلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مُؤَثِّرٌ فِي زَوَالِ الطَّهَارَةِ شَرْعًا، وَهَذَا الْقَدْرُ فِي الْأَصْلِ مَعْقُولٌ: أَيْ عُقِلَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَنَّ زَوَالَ الطَّهَارَةِ عِنْدَهُ وَهُوَ الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ أَنَّهُ نَجَسٌ خَارِجٌ مِنْ الْبَدَنِ إذْ لَمْ يَظْهَرْ لِكَوْنِهِ مِنْ خُصُوصِ السَّبِيلَيْنِ تَأْثِيرٌ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَيْهِ، فَالْأَصْلُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ، وَحُكْمُهُ زَوَالُ طَهَارَةٍ يُوجِبُهَا الْوُضُوءُ، وَعِلَّتُهُ خُرُوجُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْبَدَنِ، وَخُصُوصُ الْمَحَلِّ مُلْغَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>