للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ أَجَابَ رَجُلًا فِي الصَّلَاةِ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَهَذَا كَلَامٌ مُفْسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا يَكُونُ مُفْسِدًا) وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ. لَهُ أَنَّهُ ثَنَاءٌ بِصِيغَتِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ وَهُوَ يَحْتَمِلُهُ فَيُجْعَلُ جَوَابًا كَالتَّشْمِيتِ وَالِاسْتِرْجَاعِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ (وَإِنْ أَرَادَ إعْلَامَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَفْسُدْ بِالْإِجْمَاعِ) لِقَوْلِهِ «إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ»

فَإِنَّ قَاضِي خَانْ وَصَاحِبَ الْمُحِيطِ وَبَكْرًا اعْتَبَرُوا أَوَانَ الرُّكُوعِ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى أَوْ يَرْكَعُ إذَا قَرَأَ الْمُسْتَحَبَّ صَوْنًا لِلصَّلَاةِ عَنْ الزَّوَائِدِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، أَلَا يَرَى إلَى «مَا ذَكَرُوا أَنَّهُ قَالَ لِأُبَيٍّ هَلَّا فَتَحْتَ عَلَيَّ» مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ

(قَوْلُهُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَرَادَ جَوَابَهُ) بِأَنْ قِيلَ مَثَلًا أَمَعَ اللَّهِ إلَهٌ آخَرُ فَقَالَ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ، أَمَّا إنْ أَرَادَ إعْلَامَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْجَوَابِ فَلَا تَفْسُدُ فِي قَوْلِ الْكُلِّ، وَكَذَا إذَا أُخْبِرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَفْسُدُ فِي قَصْدِ الْجَوَابِ لَا الْإِعْلَامِ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ) كَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عِنْدَ قَصْدِ إعْلَامِهِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ أَيْضًا قَصَدَ هُنَاكَ إفَادَةَ مَعْنًى بِهِ لَيْسَ هُوَ مَوْضُوعًا لَهُ.

قُلْنَا خَرَجَ قَصْدُ إعْلَامِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ «إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ» الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِعَزِيمَتِهِ كَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عِنْدَ قَصْدِ إعْلَامِهِ، فَإِنَّ مَنَاطَ كَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ كَوْنُهُ لَفْظًا أُفِيدَ بِهِ مَعْنًى لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ لَا كَوْنُهُ وُضِعَ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ فَيَبْقَى مَا وَرَاءَهُ عَلَى الْمَنْعِ الثَّابِتِ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِعَزِيمَتِهِ مَمْنُوعٌ. قَالَ السَّرِيُّ السَّقَطِيُّ: لِي ثَلَاثُونَ سَنَةً أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ قَوْلِي الْحَمْدُ لِلَّهِ احْتَرَقَ السُّوقُ، فَخَرَجْت فَقِيلَ لِي سَلِمَتْ دُكَّانُك، فَقُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>