سُتْرَةٌ (وَيُعْتَبَرُ الْغَرْزُ دُونَ الْإِلْقَاءِ وَالْخَطِّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ (وَيَدْرَأُ الْمَارَّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ أَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ) لِقَوْلِهِ ﵊ «ادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ» (وَيَدْرَأُ بِالْإِشَارَةِ) كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِوَلَدَيْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ (أَوْ يَدْفَعُ بِالتَّسْبِيحِ) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ (وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ بِأَحَدِهِمَا كِفَايَةً.
وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ الْغَرْزُ دُونَ الْإِلْقَاءِ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ يُغْرَزُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ تُوضَعُ. وَقِيلَ لَا تُوضَعُ، وَأَمَّا الْخَطُّ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ حَسَبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَضْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَغْرِزَهُ أَوْ يَضَعَهُ.
فَالْمَانِعُ يَقُولُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ مِنْ بَعِيدٍ، وَالْمُجِيزُ يَقُولُ وَرَدَ الْأَثَرُ بِهِ، وَهُوَ مَا فِي أَبِي دَاوُد «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْأُولَى. وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْمَقْصُودُ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ.
قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالُوا الْخَطُّ بِالطُّولِ وَقَالُوا بِعَرْضٍ مِثْلِ الْهِلَالِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ﷺ «ادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ») تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَمَعْنَاهُ فِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَ ﷺ بِوَلَدَيْ أُمِّ سَلَمَةَ) رَوَى ابْن مَاجَهْ عَنْهَا قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عُمَرُ بْن أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَرَجَعَ فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ، فَلَمَّا صَلَّى ﵊ قَالَ: هُنَّ أَغْلَبُ» وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسٍ فِي طَبَقَتِهِ جَمَاعَةٌ بِاسْمِهِ.
وَلَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ وَأَنَّ أُمَّهُ لَا تُعْرَفُ أَلْبَتَّةَ. قِيلَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا هَذَا قَالَ عَنْ أُمِّهِ، لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي كِتَابِ ابْنِ مَاجَهْ وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ إلَّا عَنْ أَبِيهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يُعْرَفُ فَقَدْ عَرَفَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِقَوْلِهِ قَاضِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَفِي الْكَمَالِ وَالتَّهْذِيبِ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ (قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ) يَعْنِي «إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute