إصْلَاحَ صَلَاتِهِ
(وَلَا يُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ) لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعُكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي».
(وَلَا يَتَخَصَّرُ) وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ لِأَنَّهُ ﵊ نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْوَضْعِ الْمَسْنُونِ.
(وَلَا يَلْتَفِتُ) لِقَوْلِهِ ﵊ لَوْ عَلِمَ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا الْتَفَتَ (وَلَوْ نَظَرَ بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا يُكْرَهُ) لِأَنَّهُ ﵊ كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ فِي صَلَاتِهِ بِمُوقِ عَيْنَيْهِ
(وَلَا يُقْعِي وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ) «لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ ﵁: نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ: أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ الدِّيكِ،
أَبِي دَاوُد وَمُفَسَّرٌ فِيهِ. وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُغْرِبِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَصْرِ وَهُوَ الْمُسْتَدَقُّ فَوْقَ الْوَرِكِ، أَوْ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهُوَ مَا فَوْقَ الطَّفْطَفَةِ وَالشَّرَاسِيفِ.
وَالطَّفْطَفَةُ أَطْرَافُ الْخَاصِرَةِ، وَالشَّرَاسِيفُ أَطْرَافُ الضِّلْعِ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الْبَطْنِ انْتَهَى. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا عَلَى عَصًا، وَقِيلَ أَنْ لَا يُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَقِيلَ أَنْ يَخْتَصِرَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ،
وَحَدِيثُ الِالْتِفَاتِ غَرِيبٌ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ أَلْفَاظٌ أَقْرَبُهَا إلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ كَعْبٍ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَقُومُ مُصَلِّيًا إلَّا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُنَادِي: يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ تَعْلَمُ مَا فِي صَلَاتِكَ مَنْ تُنَاجِي مَا الْتَفَتَّ».
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «لَا يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» وَالْحَقُّ أَنَّهُ حَسَنٌ. «وَعَنْ أَنَسٍ ﵁: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرِيضَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَحَدُّ الِالْتِفَاتِ الْمَكْرُوهِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ مُوَاجِهَةِ الْقِبْلَة.
وَلَوْ انْحَرَفَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَسَدَتْ فَبَعْضُهُ يُكْرَهُ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ يُفْسِدُ فَالْقَلِيلُ يُكْرَهُ، وَحَدِيثُ مُلَاحَظَتِهِ أَصْحَابَهُ إلَخْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «كَانَ ﷺ يَلْحَظُ فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ: يَعْنِي طَرِيقَ التِّرْمِذِيِّ انْتَهَى.
لَكِنْ قَدْ ظَهَرَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ.
وَحَدِيثُ الْإِقْعَاءِ وَالِافْتِرَاشِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ» وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ كَانَ تَعْنِيهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ وَعُقْبَةُ الشَّيْطَانِ الْإِقْعَاءُ.
وَأَمَّا مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ طَاوُسٍ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ فَقُلْنَا لَهُ إنَّا نَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ، فَقَالَ بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّك ﷺ وَمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقْعُونَ، فَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ عَنْهُمْ أَنَّ الْإِقْعَاءَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُسْتَحَبٌّ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ وَرَكِبَتَاهُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْعَبَادِلَةِ، وَالْمَنْهِيُّ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ