(وَهَذَا إذَا قَاءَ مُرَّةً أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاءً، فَإِنْ قَاءَ بَلْغَمًا فَغَيْرُ نَاقِضٍ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ نَاقِضٌ إذَا كَانَ مِلْءَ الْفَمِ، وَالْخِلَافُ فِي الْمُرْتَقِي مِنْ الْجَوْفِ. أَمَّا النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَغَيْرُ نَاقِضٍ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ.
لِأَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ نَجِسٌ بِالْمُجَاوَرَةِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ لَزِجٌ لَا تَتَخَلَّلُهُ النَّجَاسَةُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ قَلِيلٌ وَالْقَلِيلُ فِي الْقَيْءِ غَيْرُ نَاقِضٍ (وَلَوْ قَاءَ دَمًا وَهُوَ عَلَقٌ) (يُعْتَبَرُ فِيهِ مِلْءُ الْفَمِ
الدِّرْهَمِ لَا تَمْتَنِعُ الصَّلَاةُ فِيهِ، مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ يُسَاعِدُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْخَارِجَ بِوَصْفِ النَّجَاسَةِ حَدَثٌ، وَأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَا يَثْبُتُ شَرْعًا وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لِإِنْسَانٍ طَهَارَةٌ، فَلَزِمَ أَنَّ مَا لَيْسَ حَدَثًا لَمْ يُعْتَبَرْ خَارِجًا شَرْعًا، وَمَا لَمْ يُعْتَبَرْ خَارِجًا لَمْ يُعْتَبَرْ نَجِسًا، فَلَوْ أَخَذَ مِنْ الدَّمِ الْبَادِي فِي مَحَلِّهِ بِقُطْنَةٍ وَأَلْقَى فِي الْمَاءِ لَمْ يَتَنَجَّسْ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ قَلِيلٌ وَالْقَلِيلُ فِي الْقَيْءِ غَيْرُ نَاقِضٍ) وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْحَسَنِ لَوْ تَنَاوَلَ طَعَامًا أَوْ مَاءً ثُمَّ قَاءَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِلْ، وَإِنَّمَا اتَّصَلَ بِهِ قَلِيلُ الْقَيْءِ فَلَا يَكُونُ حَدَثًا فَلَا يَكُونُ نَجِسًا، وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا ارْتَضَعَ وَقَاءَ مِنْ سَاعَتِهِ.
قِيلَ: هُوَ الْمُخْتَارُ، وَمَا فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ قَاءَ دُودًا كَثِيرًا أَوْ حَيَّةً مَلَأَتْ فَاهُ لَا يُنْقَضُ، وَلَوْ قَاءَ بَلْغَمًا وَطَعَامًا إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلطَّعَامِ وَكَانَ بِحَالٍ لَوْ انْفَرَدَ يَبْلُغُ مِلْءَ الْفَمِ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ انْفَرَدَ الْبَلْغَمُ مَلَأَهُ فَعَلَى الْخِلَافِ.
وَإِنْ كَانَا سَوَاءً لَا يُنْقَضُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي صَلَاةِ الْمُحْسَنِ قَالَ: الْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ، وَلَوْ اسْتَوَيَا يُعْتَبَرُ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ.
وَعَجْزُ هَذَا أَوْلَى مِنْ عَجْزِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ.
هَذَا وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ يَمِيلُ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْأَرْكَانِ كَالدَّمِ وَالصَّفْرَاءِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِطَرَفِ كُمِّهِ.
وَأُلْحِقَ بِالْقَيْءِ مَاءُ فَمِ النَّائِمِ إذَا صَعِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute