للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَا: لَا يَزِيدُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَمْ يَذْكُرْ الثَّمَانِيَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْلَا الْكَرَاهَةُ لَزَادَ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، وَالْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ

عَلَيْهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِ أَيْضًا، وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِقَوْلِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَلْ تَصْحِيحٌ لِلْوَاقِعِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ. وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ، وَقَالَا لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ يُعْطِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ نَصَبَ خِلَافٌ مِنْهُمْ فِي كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ وَقَالَا لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةِ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ تَنْبُو عَنْهُ (قَوْلُهُ وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) يَعْنِي وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيفُ، قِيلَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ مَا عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَتْ «كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَاهُ» فَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ مَا صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ، لَكِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقُعُودِ فِيهَا أَصْلًا إلَّا بَعْدَ الثَّامِنَةِ، وَكَلِمَتُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ النَّفْلِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ سَاهِيًا عَنْ الْقَعْدَةِ يَعُودُ وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَسْجُدْ لِدَلِيلٍ آخَرَ اسْتَمَرَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ مُنْتَهَى تَهَجُّدِهِ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَقَلَّهُ رَكْعَتَانِ، فَإِنَّهُ قَالَ: رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ سَبْعَ رَكَعَاتٍ تِسْعَ رَكَعَاتٍ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَاَلَّذِي قَالَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وَتْرٌ، وَاَلَّذِي قَالَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ أَرْبَعٌ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وَتْرٌ، وَاَلَّذِي قَالَ تِسْعٌ سِتٌّ وَثَلَاثٌ.

وَاَلَّذِي قَالَ إحْدَى عَشْرَةَ ثَمَانٌ وَثَلَاثٌ، وَاَلَّذِي قَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ثَمَانٌ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وَتْرٌ وَرَكْعَتَانِ سُنَّةُ الْفَجْرِ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ فَصَّلَهُ، هَكَذَا قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ انْتَهَى.

أَمَّا مَا عَيَّنَهُ مِنْ مُنْتَهَاهُ فَمُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ قَالَتْ «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» فَتِلْكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ.

وَأَمَّا مَا فِي السُّنَّةِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَ: وَقُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ إلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَطَرَحْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ وِسَادَةً فَاضَّجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ الْخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْت مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ وَفِي رِوَايَةٍ فَتَأَمَّلْتُ صَلَاتَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>