فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُوجَدْ لَا فِي الْقِيَامِ وَلَا فِي الرُّكُوعِ (وَلَوْ رَكَعَ الْمُقْتَدِي قَبْلَ إمَامِهِ فَأَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهِ جَازَ) وَقَالَ زَفَرُ: لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ هَكَذَا مَا يَبْنِيهِ عَلَيْهِ.
الِاقْتِدَاءَ مُتَابَعَةٌ عَلَى وَجْهِ الْمُشَارَكَةِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْ هَذِهِ مُشَارَكَةٌ لَا فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ وَلَا فِي الرُّكُوعِ، فَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ إذْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ مُسَمَّى الِاقْتِدَاءِ بَعْدُ، بِخِلَافِ مَنْ شَارَكَ فِي الْقِيَامِ ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْ الرُّكُوعِ لِتَحَقُّقِ مُسَمَّى الِاقْتِدَاءِ مِنْهُ بِتَحَقُّقِ جُزْءِ مَفْهُومِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّخَلُّفِ لِتَحَقُّقِ مُسَمَّى اللَّاحِقِ فِي الشَّرْعِ اتِّفَاقًا وَهُوَ بِذَلِكَ وَإِلَّا انْتَفَى هَذَا، وَمُدْرِكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْبِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَلَوْ نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ الرُّكُوعَ لَا الِافْتِتَاحَ جَازَ وَلَغَتْ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ) فَيَجِبُ أَنْ يُعِيدَ هَذَا الرُّكُوعَ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَمْ تُجْزِهِ كَمَا لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ هَذَا لِرُكُوعِ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ.
وَلَنَا أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْمُشَارَكَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الرُّكْنِ لِأَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرُّكُوعِ وَقَدْ وُجِدَ فَيَقَعُ مَوْقِعَهُ وَيُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْمُشَارَكَةِ الرُّكُوعُ الْمُقْتَدَى فِيهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِقَوْلِهِ إنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى فَاسِدٍ بَلْ هُوَ ابْتِدَاءٌ وَمَا قَبْلَهُ لَغْوٌ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ.
وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ: يَعْنِي مَا لَوْ رَكَعَ مَعَهُ وَرَفَعَ قَبْلَهُ حَيْثُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، كَذَا هَذَا يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَهُ طَرَفَانِ: طَرَفُ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ الْأَوَّلُ، وَطَرَفُ الِانْتِهَاءِ، فَكَمَا صَحَّتْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ فِي الْأَوَّلِ كَذَا الثَّانِي، وَيُكْرَهُ فِيهِمَا لِلنَّصِّ الَّذِي سَمِعْت، وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ وَأَدْرَكَهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ قَبْلَ أَوَانِهِ فِي حَقِّ الْإِمَام فَكَذَا فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَلَوْ أَطَالَ الْإِمَامُ فِي السُّجُودِ فَرَفَعَ الْمُقْتَدِي فَظَنَّ أَنَّهُ سَجَدَ ثَانِيَةً فَسَجَدَ مَعَهُ إنْ نَوَى بِهَا الْأُولَى أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَكُونُ عَنْ الْأُولَى، وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّانِيَةَ وَالْمُتَابَعَةَ تَرْجِيحًا لِلْمُتَابَعَةِ، وَتَلْغُو نِيَّةُ غَيْرِهِ لِلْمُخَالَفَةِ، وَإِنْ نَوَى الثَّانِيَةَ لَا غَيْرُ كَانَتْ عَنْ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ مَعَ زُفَرَ.
وَعَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ سَجَدَ قَبْلَ أَوَانِهِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، فَكَذَا فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْمُقْتَدِي إذَا أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ هَذِهِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَتَى بِهِمَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بِالرُّكُوعِ مَعَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ، أَوْ بِالرُّكُوعِ قَبْلَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ، أَوْ أَتَى بِهِمَا قَبْلَهُ وَيُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي آخِرِ الرَّكَعَاتِ، فَإِنْ أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي كُلِّهَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَةٍ بِلَا قِرَاءَةٍ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا رَكَعَ مَعَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا رَكَعَ قَبْلَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ يَقْضِي أَرْبَعًا بِلَا قِرَاءَةٍ، وَإِنْ رَكَعَ بَعْدَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
وَأَنْتَ إذَا عَلِمْت أَنَّ مُدْرِكَ أَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَاحِقٌ وَهُوَ يَقْضِي قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ فِي الثَّانِيَةِ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ عَنْ الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّابِعَةِ عَنْ الثَّالِثَةِ، وَيَقْضِي بَعْدَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ. وَفِي الثَّانِيَةِ تَلْتَحِقُ سَجْدَتَاهُ فِي الثَّانِيَةِ بِرُكُوعِهِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ كَانَ مُعْتَبَرًا، وَيَلْغُو رُكُوعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute