(وَالْقَهْقَهَةُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تَنْقُضُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ نَجَسٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ حَدَثًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَخَارِجِ الصَّلَاةِ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «أَلَا مَنْ ضَحِكَ مِنْكُمْ قَهْقَهَةً فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ جَمِيعًا» وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ.
فَلَيْسَ الْقِيَاسُ فِي كُلِّ نَوْمٍ النَّقْضَ.
(قَوْلُهُ أَلَا مَنْ ضَحِكَ إلَخْ) حَدِيثُ الْقَهْقَهَةِ رُوِيَ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا. وَاعْتَرَفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِصِحَّتِهِ مُرْسَلًا، وَمَدَارُ الْمُرْسَلِ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَإِنْ رَوَاهُ غَيْرُهُ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمِ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَخْرَجَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَنَا حَدَّثْت بِهِ الْحَسَنَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَعَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: أَنَا حَدَّثْت بِهِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ الْحَسَنِ اهـ. يَعْنِي وَالْحَسَنُ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ الْوَاسِطِيِّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْهُ ﷺ قَالَ «بَيْنَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ إذْ أَقْبَلَ أَعْمَى يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَوَقَعَ فِي زُبْيَةٍ فَاسْتَضْحَكَ الْقَوْمُ فَقَهْقَهُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَهْقَهَ فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» قِيلَ وَمَعْبَدٌ هَذَا لَا صُحْبَةَ لَهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَعْبَدًا الَّذِي لَا صُحْبَةَ لَهُ هُوَ مَعْبَدٌ الْبَصْرِيُّ الْجُهَنِيُّ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِيهِ: إيَّاكُمْ وَمَعْبَدًا فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ، وَمَعْبَدٌ هَذَا هُوَ الْخُزَاعِيُّ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا شَكَّ فِي صُحْبَتِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ، وَرَوَيَا لَهُ أَيْضًا حَدِيثَ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ ﵁ مَرَّا بِخِبَاءِ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ مَعْبَدًا وَكَانَ صَغِيرًا فَقَالَ لَهُ: اُدْعُ هَذِهِ الشَّاةَ» الْحَدِيثَ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَإِذَا صَحَّ الْمُرْسَلُ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ اسْمُهُ رُفَيْعٌ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ. وَأَمَّا رِوَايَتُهُ مُسْنَدًا فَعَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَأَغْرَبُهَا طَرِيقٌ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ فِي تَارِيخِ جُرْجَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute