(وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀) خِلَافًا لَهُمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبَةٌ عِنْدَهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا تَرْتِيبَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ، وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى السُّنَّةَ وَالْوِتْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَعِنْدَهُ يُعِيدُ الْعِشَاءَ وَالسُّنَنَ دُونَ الْوِتْرِ، لِأَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ عَلَى حِدَةٍ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُ الْوِتْرَ أَيْضًا لِكَوْنِهِ تَبَعًا لِلْعِشَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ فَسَكَتَ ثَبَتَ الْإِذْنُ فِيمَا يَبِيعُ بَعْدَ هَذَا لَا فِيهِ نَفْسِهِ، وَكَذَا صَيْرُورَةُ الْكَلْبِ مُعَلَّمًا بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثًا عِلَّةُ حِلِّ أَكْلِ مَأْخُوذِهِ وَأَثَرُهُ فِي حِلِّ مَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ.
وَجْهُ قَوْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ أَنَّ الْمُسْقِطَ الْكَثْرَةُ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِالْكُلِّ فَوَجَبَ أَنْ تُؤْثِرَ السُّقُوطَ، وَلِهَذَا لَوْ أَعَادَهَا بِلَا تَرْتِيبٍ جَازَتْ عِنْدَهُمَا أَيْضًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ قِلَّتُهَا وَقَدْ زَالَتْ فَيَزُولُ الْمَنْعُ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَوَقَّفَ حُكْمٌ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ كَتَعَجُّلِ الزَّكَاةِ إلَى الْفَقِيرِ يَتَوَقَّفُ كَوْنُهَا فَرْضًا عَلَى تَمَامِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابُ تَامٌّ، فَإِنْ تَمَّ عَلَى تَمَامِهِ كَانَ فَرْضًا وَإِلَّا نَفْلًا، وَكَوْنُ الْمَغْرِبِ فِي طَرِيقِ مُزْدَلِفَةَ فَرْضًا عَلَى عَدَمِ إعَادَتِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ أَعَادَهَا كَانَتْ نَفْلًا، وَالظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَدَمِ شُهُودِهَا، فَإِنْ شَهِدَهَا كَانَ نَفْلًا، وَصِحَّةُ صَلَاةِ الْمَعْذُورِ إذَا انْقَطَعَ الْعُذْرُ فِيهَا عَلَى عَوْدِهِ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ وَإِلَّا صَحَّتْ، وَكَوْنُ الزَّائِدِ عَلَى الْعَادَةِ حَيْضًا عَلَى عَدَمِ مُجَاوَزَةِ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ جَاوَزَ فَاسْتِحَاضَةٌ وَإِلَّا حَيْضٌ، وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّتْهَا صَاحِبَةُ الْعَادَةِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا دُونَ الْعَادَةِ فَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، فَإِنْ عَادَ فَفَاسِدَةٌ وَإِلَّا صَحِيحَةٌ.
وَلَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يُوجِبُ ثُبُوتَ صِحَّةِ الْمُؤَدَّيَاتِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِ سَادِسَتِهَا الَّتِي هِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَثْبُتُ حِينَئِذٍ وَهِيَ الْمُسْقِطَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى أَدَائِهَا كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّصْوِيرِ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ ظَانًّا عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ عَنْ مَشَايِخِهِمْ، فَإِنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورِ يَقْطَعُ بِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ سَوَاءٌ ظَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا.
(فُرُوعٌ)
تَرَكَ الصَّلَاةَ عَمْدًا كَسَلًا يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا لَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا جَحَدَ أَوْ اسْتَخَفَّ وُجُوبَهَا.
صَبِيٌّ نَامَ فَاحْتَلَمَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْعِشَاءَ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ يَقْضِي الْعِشَاءَ، هِيَ وَاقِعَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَسَأَلَ عَنْهَا الْإِمَامَ فَأَجَابَهُ بِذَلِكَ.
أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ جَاهِلًا بِالشَّرَائِعِ لَمْ يَقْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ، قَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ أَسْلَمَ فِينَا. قُلْنَا: الْخِطَابُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْعِلْمِ بِهِ أَوْ بِدَلِيلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِينَا فَإِنَّ عِنْدَهُ دَلِيلَهُ.
صَلَّى وَارْتَدَّ، وَأَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ زَمَانَ الرِّدَّةِ خِلَافًا لَهُ بِنَاءً عَلَى حَبْطِ ذَلِكَ الْمُؤَدَّى بِالرِّدَّةِ، فَلَمْ يَبْقَ شَيْئًا ثُمَّ أَدْرَكَ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ مُسْلِمًا فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْخِطَابُ إذْ أَدْرَكَ السَّبَبَ خَالِيًا عَنْ الْأَدَاءِ فَتَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُ الْوَضْعِ فَلَزِمَهُ حُكْمُهُ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ فِي حَالِ كُفْرِهِ بِالشَّرَائِعِ عِنْدَنَا، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ إعَادَةُ حَجِّهِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْوَقْتِ إلَى الصَّلَاةِ كَنِسْبَةِ الْعُمْرِ إلَى الْحَجِّ فَحَبَطَ ثُمَّ أَدْرَكَ وَقْتَهُ مُسْلِمًا فَلَزِمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute