للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ الْقُنُوتَ أَوْ التَّشَهُّدَ

وَكَذَا تَرْكُ السُّورَةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَرَكَ السُّورَةَ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَرَكَ قِرَاءَةَ آيَةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.

حَتَّى لَوْ قَرَأَ مِنْ سُورَةٍ هَذَا الْقَدْرَ فَقَطْ لَا سَهْوَ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ تَرْكُ كُلٍّ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ بِالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ يَعُودُ فَيَقْرَأُ فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يُعِيدُ السُّورَةَ ثُمَّ الرُّكُوعَ فَإِنَّهُمَا يَرْتَفِضَانِ بِالْعَوْدِ إلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَفِي السُّورَةِ السُّورَةَ، ثُمَّ يُعِيدُ الرُّكُوعَ لِارْتِفَاضِهِ بِالْعَوْدِ إلَى مَا مَحَلُّهُ قَبْلَهُ عَلَى التَّعْيِينِ شَرْعًا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا إلَّا فِي الشَّفْعِ الثَّانِي تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْهَا فِيهِ وَمَا لَا يَقْضِيهِ وَكَيْفِيَّةِ الْقَضَاءِ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ أَصْلًا فِي الْأُولَيَيْنِ قَضَاهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَيَصِيرَانِ كَالْأُولَيَيْنِ فَيَجْهَرُ فِيهِمَا فِي الْجَهْرِيَّةِ وَلَوْ بَدَأَ بِحَرْفٍ مِنْ السُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ فَذَكَرَ فَقَرَأَ الْفَاتِخَةَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلتَّأْخِيرِ، وَفِي هَذَا إذَا وَزَنْتَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّفَكُّرِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ مِنْ السُّورَةِ مِقْدَارَ مَا يَتَأَدَّى فِيهِ رُكْنٌ لِيَجِبَ السَّهْوُ.

وَلَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا سَهْوَ، وَفِي الْأُولَيَيْنِ مُتَوَالِيًا عَلَيْهِ السَّهْوُ، لَا إنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالسُّورَةِ لِلُزُومِ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ السُّورَةُ فِي الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي، إذْ لَيْسَ الرُّكُوعُ وَاجِبًا بِأَثَرِ السُّورَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِفِعْلِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فِيهِمَا فَلَا تَتَقَدَّرُ بِقَدْرٍ يَجِبُ بَعْدَهُ الرُّكُوعُ بَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ الْقُنُوتَ) أَوْ تَكْبِيرَتَهُ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ تَرْكُهُ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، أَمَّا لَوْ تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعَ قَبْلَ الرَّفْعِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَعُودُ وَيَقْنُتُ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ لَا يُعِيدُ الرُّكُوعَ.

وَالْأَوْجَهُ الْأُوَلُ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقُنُوتِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ. ثُمَّ رَجَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى رِوَايَةَ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى الْقُنُوتِ وَجَعَلَهَا ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ عَدَمِ ارْتِفَاضِ الرُّكُوعِ لَوْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ الْعَوْدِ إلَى قِرَاءَتِهِ وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ وُجُوبِ الْقُنُوتِ وَهُوَ بِهِ جَدِيرٌ.

وَلَوْ قَرَأَ الْقُنُوتَ فِي الثَّالِثَةِ وَنَسِيَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ أَوْ كِلَيْهِمَا فَتَذَكَّرَ بَعْدَمَا رَكَعَ قَامَ وَقَرَأَ وَأَعَادَ الْقُنُوتَ وَالرُّكُوعَ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى مَا مَحَلُّهُ قَبْلَهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَمَحَلَّهَا فَتَذَكَّرَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَنْحَطُّ لَهَا ثُمَّ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ فَيُعِيدُهُ اسْتِحْبَابًا

(قَوْلُهُ أَوْ التَّشَهُّدَ) أَوْ بَعْضَهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، قَالُوا إنْ كَانَ إمَامًا يَأْخُذُ بِهَذَا كَيْ لَا يَلْتَبِسَ عَلَى الْقَوْمِ، ثُمَّ قَدْ لَا يَتَحَقَّقُ تَرْكُ التَّشَهُّدِ عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ السُّجُودَ إلَّا فِي الْأَوَّلِ.

أَمَّا التَّشَهُّدُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ يَقْرَؤُهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ، فَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ شَيْءٍ يَقْطَعُ الْبِنَاءَ لَمْ يُتَصَوَّرْ إيجَابُ السُّجُودِ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بَعْدَ السَّلَامِ وَالتَّذَكُّرِ بِهِ فَلَوْ قَرَأَ بَعْضَهُ وَسَلَّمَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ بِعَوْدِهِ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ ارْتَفَضَ قُعُودُهُ، فَإِذَا سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِهِ فَقَدْ سَلَّمَ قَبْلَ قُعُودِ قَدْرِ التَّشَهُّدِ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ قُعُودَهُ مَا ارْتَفَضَ أَصْلًا لِأَنَّ مَحَلَّ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ الْقَعْدَةُ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى رَفْضِهَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعَنْ هَذَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ حَتَّى رَكَعَ فَذَكَرَ فَقَامَ لِلْقِرَاءَةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَسَجَدَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ لِأَنَّهُ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ بِالْقِيَامِ، فَإِذَا لَمْ يُعِدْهُ تَفْسُدُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرْتَفِضُ لِأَنَّ الرَّفْضَ كَانَ لِلْقِرَاءَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ. وَقِيلَ الْفَسَادُ قِيَاسُ ارْتِفَاضِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ أُقِيمَ مَقَامَ نَفْسِهَا لِدَلِيلٍ أَوْجَبَهُ هُنَاكَ وَلَيْسَ الْقِيَامُ أُقِيمَ مَقَامَ الْقِرَاءَةِ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>