للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّأْخِيرِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ كَمَا إذَا لَمْ يَقُمْ (وَلَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ لَمْ يَعُدْ) لِأَنَّهُ كَالْقَائِمِ مَعْنًى (يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ.

(وَإِنْ سَهَا عَنْ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ رَجَعَ إلَى الْقَعْدَةِ مَا لَمْ يَسْجُدْ) لِأَنَّ فِيهِ إصْلَاحَ

لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الِاسْتِخْلَافِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إذْ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى السَّلَامِ، وَإِنَّمَا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يَسْجُدُ قَبْلَهُ وَهُوَ هُنَا قَدْ صَارَ إمَامًا لِلْمُسْتَخْلِفِ، وَمَعَ هَذَا لَوْ تَقَدَّمَ لَمْ تَفْسُدْ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْمَامِ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ مُدْرِكًا يُسَلِّمُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ، وَيَسْجُدُ الْخَلِيفَةُ لِلْمَسْبُوقِ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ الْآنَ مُقْتَدٍ ثُمَّ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُمْ سَجَدَ آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْمَسْبُوقِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَعْلِيلَ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمَسْبُوقِ عَلَى السُّجُودِ وَمَنْعَهُ مِنْ التَّقَدُّمِ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى السَّلَامِ لِانْتِفَاءِ مَحَلِّيَّةِ السُّجُودِ قَبْلَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ، أَمَّا عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ السَّلَامِ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلَى فَلَا، فَالْأَوْجُهُ تَعْلِيلُ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى السُّجُودِ بِكَوْنِهِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَلَا يَسْجُدُ فِي أَثْنَائِهَا إلَّا مُقْتَدِيًا وَهُوَ قَدْ صَارَ إمَامًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَ الْإِمَامِ مُدْرِكٌ بَلْ الْكُلُّ مَسْبُوقُونَ قَامُوا وَقَضَوْا مَا سُبِقُوا بِهِ فُرَادَى لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْمَسْبُوقِ انْعَقَدَتْ لِلْأَدَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ إذَا فَرَغُوا لَا يَسْجُدُونَ فِي الْقِيَاسِ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْجُدُونَ

(قَوْلُهُ لِلتَّأْخِيرِ) أَيْ لِتَأْخِيرِ الْقُعُودِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ قِيَامًا وَإِلَّا لَمْ يُطْلِقْ لَهُ الْعَوْدَ فَكَانَ مُعْتَبَرًا قُعُودًا أَوْ انْتِقَالًا بِالضَّرُورَةِ، وَهَذَا الِاعْتِبَارُ يُنَافِيهِ اعْتِبَارُ التَّأْخِيرِ الْمُسْتَتْبِعِ لِوُجُوبِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) الْأَصَحُّ فِيهِ مَا فِي الْكَافِي أَنَّهُ بِأَنْ يَسْتَوِيَ النِّصْفُ الْأَسْفَلُ: يَعْنِي وَظَهْرُهُ بَعْدُ مُنْحَنٍ فَمَا لَمْ يَسْتَوِ فَهُوَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبُ.

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانَ فِي رِوَايَةِ إذَا قَامَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِيَنْهَضَ يَقْعُدُ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَعْدَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ رَفَعَ أَلْيَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَرُكْبَتَاهُ عَلَيْهَا لَمْ يَرْفَعْهُمَا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ الصُّورَةُ الَّتِي قَبْلَهَا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ. وَقَدْ اخْتَارَ فِي الْأَجْنَاسِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ عَلَيْهِ السَّهْوَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ مَا إذَا فَارَقَتْ رُكْبَتَاهُ الْأَرْضَ دُونَ أَنْ يَسْتَوِيَ نِصْفُهُ الْأَسْفَلُ شَبَهُ الْجَالِسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.

فَالْحَاصِلُ ثُبُوتُ التَّلَازُمِ بَيْنَ عَدَمِ الْعَوْدِ وَسُجُودِهِ وَعَدَمِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَوْدِ ثُمَّ قِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اخْتَارَهُ مَشَايِخُ بُخَارَى، أَمَّا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَمَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا يَعُودُ، قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>