فَسَهَا فِيهِمَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أُخْرَيَيْنِ لَمْ يَبْنِ) لِأَنَّ السُّجُودَ يَبْطُلُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا سَجَدَ السَّهْوَ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ حَيْثُ يَبْنِي لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ يُبْطِلُ جَمِيعَ الصَّلَاةِ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَدَّى صَحَّ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ.
(وَمَنْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ كَانَ دَاخِلًا وَإِلَّا فَلَا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ دَاخِلٌ سَجَدَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ، لِأَنَّ عِنْدَهُ سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الصَّلَاةِ أَصْلًا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ جَبْرًا لِلنُّقْصَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ وَعِنْدَهُمَا يُخْرِجُهُ عَلَى
إلَى الْمُقْتَدِي.
(قَوْلُهُ لَمْ يَبْنِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ؛
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) الْحَاصِلُ أَنَّ نَقْضَ الْوَاجِبِ وَإِبْطَالَهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اسْتَلْزَمَ تَصْحِيحُهُ نَقْضَ مَا هُوَ فَوْقَهُ، فَفِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ امْتَنَعَ الْبِنَاءُ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ سُجُودُ السَّهْوِ وَوَجَبَ الْبِنَاءُ فِي الْمُسَافِرِ يَسْجُدُ ثُمَّ يَنْوِي الْإِقَامَةَ لِتَحَقُّقِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ، وَمَنْ اُبْتُلِيَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ أَقَلَّهُمَا مَحْذُورًا.
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: حَقِيقَةُ الْفَرْقِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ بَعْدَ التَّحْلِيلِ لِضَرُورَةٍ تَرْجِعُ إلَى إكْمَالِ تِلْكَ الصَّلَاةِ لَا أُخْرَى، وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ تَعْمَلُ فِي إكْمَالِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَظَهَرَ عُودُ الْحُرْمَةِ فِي حَقِّهَا، فَأَمَّا كُلُّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ فَصَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ تَعُدْ الْحُرْمَةُ فِي حَقِّ صَلَاةٍ أُخْرَى فَلَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ بَعْدَمَا اُعْتُبِرَ مُحَلَّلًا، لَكِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبِنَاءُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا عُرِفَ مِنْ كَلَامِهِمْ فَوَجَبَ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِذَا بَنَى قِيلَ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْآخِرِ لِأَنَّ السُّجُودَ الْأَوَّلَ وَقَعَ جَابِرًا حِينَ وَقَعَ، وَقِيلَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِبُطْلَانِ الْأَوَّلِ بِمَا طَرَأَ مِنْ وَصْلِ الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ جَبْرًا لِلنُّقْصَانِ) أَيْ النُّقْصَانِ الْكَائِنِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute