عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ يَتَحَقَّقُ بِهِ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ ﵃.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، قَالَ: يَقْضِي، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ.
وَرَوَى إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَفَاقَ فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ وَاسْتَقْبَلَ. وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَنْهُ أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِ، وَفِي بَعْضِهَا نَصَّ عَلَيْهِ فَقَالَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يَقْضِ، فَقَدْ رَأَيْت مَا هُنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَشَيْءٌ مِنْهَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الزِّيَادَةِ السَّاعَاتُ إلَّا مَا يَتَخَايَلُ مِنْ قَوْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَكُلٌّ مِنْ رِوَايَتَيْ الشَّهْرِ وَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ يَصْلُحُ مُفَسِّرًا لِذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ خَاصًّا مِنْ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ وَلَا عُمُومَ فِيهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى كَوْنِ الْأَكْثَرِيَّةِ بِالسَّاعَةِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ كَوْنِهَا وَقْتًا. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فَلَمْ تُعْرَفْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَالْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي الْفِقْهِ أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ فَقَضَاهُنَّ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَ هَذَا عَنْ عَمَّارٍ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَأَفَاقَ نِصْفَ اللَّيْلِ فَقَضَاهُنَّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَيْسَ هَذَا بِثَابِتٍ عَنْ عَمَّارٍ، وَلَوْ ثَبَتَ فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَالنَّوْمِ بِأَنَّهُ عَنْ اخْتِيَارٍ، بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ. وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ يَعْجِزُ بِهِ صَاحِبُ الْعَقْلِ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ مَعَ قِيَامِهِ حَقِيقَةً فَلَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ، بَلْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الْقُدْرَةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ لَا سُقُوطَ أَصْلِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ لِفَائِدَةِ الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ بِلَا حَرَجٍ وَلَمْ يَقَعْ بِالْإِغْمَاءِ وَلَا بِمُجَرَّدِ الْجُنُونِ الْيَأْسُ عَنْ الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا امْتَدَّ امْتِدَادًا يُوقِعُ إلْزَامَ الْقَضَاءِ مَعَهُ فِي الْحَرَجِ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ بِهِ عَدَمُ تَعَلُّقِهِ لِظُهُورِ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ الْمُسْتَتْبِعَةِ لَهُ. هَذَا تَقْرِيرُ الْأُصُولِ وَسَيَرِدُ عَلَيْك بِأَوْفَى مِنْ هَذَا فِي الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ السُّقُوطُ مُطْلَقًا، وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ مُطْلَقًا؛ وَهَذَا لِأَنَّ مَعْنَى الْقِيَاسِ الَّذِي يُقَابِلُونَهُ بِالِاسْتِحْسَانِ هُوَ الْوَجْهُ الْمُتَبَادَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَجْهِ الْخَفِيِّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَدَائِعِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute