للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ) لِقَوْلِهِ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِنْزَالِ وَنَفْسُهُ يَتَغَيَّبُ عَنْ بَصَرِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ، وَكَذَا الْإِيلَاجُ فِي الدُّبُرِ لِكَمَالِ السَّبَبِيَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ احْتِيَاطًا،

فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ إذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ» وَالْأَوَّلُ أَصْرَحُ فِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْخُرُوجِ، وَيَحْتَمِلُ كَوْنَ الْمُرَادِ بِمَا يَرَى الرَّجُلُ الِاحْتِلَامَ وَالْمَاءَ فَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ إذْ الْغَالِبُ رُؤْيَةُ الْمَاءِ مَعَ الِاحْتِلَامِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَعَلُّقِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِوُجُودِ الْمَنِيِّ فِي احْتِلَامِهَا، وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِهِ فِي هَذِهِ الْخِلَافِيَّةِ إنَّمَا يُوجِبُهُ بِنَاءً عَلَى وُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ تَرَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ فِي التَّجْنِيسِ احْتَلَمَتْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا الْمَاءُ إنْ وَجَدَتْ شَهْوَةَ الْإِنْزَالِ كَانَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَإِلَّا لَا لِأَنَّ مَاءَهَا لَا يَكُونُ دَافِقًا كَمَاءِ الرَّجُلِ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ مِنْ صَدْرِهَا، فَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفْهِمُك أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا لَمْ تَرَهُ خَرَجَ.

فَعَلَى هَذَا الْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْخِلَافِيَّةِ، وَالِاحْتِلَامُ يَصْدُقُ بِرُؤْيَتِهَا صُورَةَ الْجِمَاعِ فِي نَوْمِهَا وَهُوَ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْ وُجُودِ لَذَّةِ الْإِنْزَالِ وَعَدَمِهِ، فَلِذَا لَمَّا أَطْلَقَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ السُّؤَالَ عَنْ احْتِلَامِ الْمَرْأَةِ قَيَّدَ جَوَابَهَا بِإِحْدَى الصُّورَتَيْنِ فَقَالَ «إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ مُطْلَقًا فَإِنَّهَا لَوْ تَيَقَّنَتْ الْإِنْزَالَ بِأَنْ اسْتَيْقَظَتْ فِي فَوْرِ الِاحْتِلَامِ فَأَحَسَّتْ بِيَدِهَا الْبَلَلَ ثُمَّ نَامَتْ فَمَا اسْتَيْقَظَتْ حَتَّى جَفَّ فَلَمْ تَرَ بِعَيْنِهَا شَيْئًا لَا يَسَعُ الْقَوْلُ بِأَنْ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا رُؤْيَةَ بَصَرٍ بَلْ رُؤْيَةُ عِلْمٍ (وَرَأَى) يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي مَعْنَى (عَلِمَ) بِاتِّفَاقِ اللُّغَةِ.

قَالَ: رَأَيْت اللَّهَ أَكْبَرَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَوْ جُومِعَتْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى فَرْجِهَا، أَوْ جُومِعَتْ الْبِكْرُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا إلَّا إذَا ظَهَرَ الْحَبَلُ لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ إلَّا إذَا أَنْزَلَتْ، وَلَوْ جُومِعَتْ فَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا. امْرَأَةٌ قَالَتْ مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ مِرَارًا وَأَجِدُ مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرَ الْمَاءَ، فَإِنْ رَأَتْهُ صَرِيحًا وَجَبَ كَأَنَّهُ احْتِلَامٌ. .

(قَوْلُهُ وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) الْخِتَانَانِ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ وَهُوَ سُنَّةٌ لِلرَّجُلِ مَكْرُمَةٌ لَهَا، إذْ جِمَاعُ الْمَخْتُونَةِ أَلَذُّ، وَفِي نَظْمِ الْفِقْهِ سُنَّةٌ فِيهِمَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ خَشْيَةِ الْهَلَاكِ، وَلَوْ تَرَكَتْهُ هِيَ لَا، وَالتَّعْبِيرُ بِغَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ أَوْلَى لِتَنَاوُلِهِ الْإِيلَاجَ فِي الدُّبُرِ، وَلِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْفَرْجِ مُحَاذَاتُهُمَا لَا الْتِقَاؤُهُمَا (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ) مَعْنَى الْحَدِيثِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>