لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْفَرْضَ يَتَأَدَّى بِالْأَوْلَى وَالتَّنَفُّلَ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَلِهَذَا رَأَيْنَا النَّاسَ تَرَكُوا عَنْ آخِرِهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ ﵊ وَهُوَ الْيَوْمَ كَمَا وُضِعَ.
(وَإِنْ دُفِنَ الْمَيِّتُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ
صَلَّى مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ لِأَنَّهَا إذَا مُنِعَتْ الْإِعَادَةُ بِصَلَاةِ الْوَلِيِّ فَبِصَلَاةِ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْلَى. وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَنَّ الْفَرْضَ تَأَدَّى، وَالتَّنَفُّلَ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْوَلِيِّ أَيْضًا مِنْ الْإِعَادَةِ إذَا صَلَّى مَنْ الْوَلِيُّ أَوْلَى مِنْهُ إذْ الْفَرْضُ وَهُوَ قَضَاءُ حَقِّ الْمَيِّتِ تَأَدَّى بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْ مَنْعِ التَّنَفُّلِ وَادِّعَاءِ أَنَّ عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فِي حَقِّ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ، أَمَّا مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَتَبْقَى الشَّرْعِيَّةُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّةِ التَّنَفُّلِ بِتَرْكِ النَّاسِ عَنْ آخِرِهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَمَا أَعْرَضَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالرَّاغِبِينَ فِي التَّقَرُّبِ إلَيْهِ ﵊ بِأَنْوَاعِ الطُّرُقِ عَنْهُ، فَهَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ، وَلِذَا قُلْنَا: لَمْ يُشْرَعْ لِمَنْ صَلَّى مَرَّةً التَّكْرِيرُ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا صَلَّى عَلَيْهِ أَهْلُهُ» فَلِأَنَّهُ ﵊ كَانَ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ﵊ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ) رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْحَاكِمُ وَسَكَتَ عَنْهُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا وَرَدْنَا الْبَقِيعَ إذَا هُوَ بِقَبْرٍ فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا فُلَانَةَ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: أَلَا آذَنْتُمُونِي؟ قَالُوا: كُنْتَ قَائِلًا صَائِمًا، قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَّفْنَا خَلْفَهُ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَرَضِهَا، فَقَالَ ﵊: إذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا، فَخَرَجُوا بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِشَأْنِهَا فَقَالَ: أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا أَوْ نُوقِظَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ».
وَمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَفَّهُمْ خَلْفَهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ «النَّبِيَّ ﷺ أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute