للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا لَمْ يُتَابِعْهُ الْمُؤْتَمُّ) خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِمَا رَوَيْنَا، وَيَنْتَظِرُ تَسْلِيمَةَ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

وَالْإِتْيَانُ بِالدَّعَوَاتِ اسْتِغْفَارٌ لِلْمَيِّتِ وَالْبُدَاءَةُ بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ سُنَّةِ الدُّعَاءِ،

الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ شَيْئًا.

وَأَخْرَجَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَبَّرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَعَلَى بَنِي هَاشِمٍ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَكَانَ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا أَرْبَعًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا» وَضُعِّفَ. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ آخِرَ صَلَاةٍ مِنْهُ كَانَتْ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ مِنْ عِدَّةٍ» فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا تَوْقِيتَ فِي التَّكْبِيرِ، وَجَمَعُوا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ أَهْلَ بَدْرٍ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَكَذَا بَنُو هَاشِمٍ، وَكَانَ يُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ خَمْسًا وَعَلَى مَنْ دُونَهُمْ أَرْبَعًا، وَأَنَّ الَّذِي حُكِيَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ النَّجَاشِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ نَاسِخًا لِأَنَّ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْلَامُهُ مُتَأَخِّرٌ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ نُسِخَ بِالِاجْتِهَادِ وَالْحَقُّ هُوَ النَّسْخُ، فَإِنَّ ضَعْفَ الْإِسْنَادِ غَيْرُ قَاطِعٍ بِبُطْلَانِ الْمَتْنِ بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ، فَإِذَا تَأَيَّدَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ الْقَرَائِنِ كَانَ صَحِيحًا وَقَدْ تَأَيَّدَ، وَهُوَ كَثْرَةُ الطُّرُقِ وَانْتِشَارُهَا فِي الْآفَاقِ خُصُوصًا مَعَ كَثْرَةِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آخِرَ مَا تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الْحَالُ مِنْهُ الْأَرْبَعُ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي حَنِيفَةَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لِصِحَّةِ الْمُرْسَلِ بَعْدَ ثِقَةِ الرُّوَاةِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ نُفَاةِ الْمُرْسَلِ إذَا اُعْتُضِدَ بِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَهَذَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ اُعْتُضِدَ بِكَثْرَةٍ فِي الطُّرُقِ وَالرُّوَاةِ وَذَلِكَ يَغْلِبُ ظَنَّ الْحَقِيَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ لَا؛ فَعِنْدَ زُفَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا، بَلْ هُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا كَبَّرَ خَمْسًا. قُلْنَا: قَدْ ثَبَتَ النَّسْخُ بِمَا قَرَرْنَاهُ آنِفًا، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ اجْتِهَادُهُ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ النَّسْخِ، ثُمَّ كَانَ مَذْهَبُهُ التَّكْبِيرَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى الصَّحَابَةِ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعًا. وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَكُونُ الْكَائِنُ بَيْنَنَا أَرْبَعًا أَرْبَعًا لِانْقِرَاضِ الصَّحَابَةِ ، فَمُخَالَفَتُهُ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ الْمُتَقَرِّرِ فَيُجْزَمُ بِخَطَئِهِ فَلَا يَكُونُ فَصْلًا مُجْتَهِدًا فِيهِ، بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ

(قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي أُخْرَى يُسَلِّمُ كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْخَامِسَةِ)، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَقَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَيْسَ بِخَطَأٍ مُطْلَقًا، إنَّمَا الْخَطَأُ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي الْخَامِسَةِ. وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: إنَّمَا لَا يُتَابِعُهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ إذَا سُمِعَ مِنْ الْإِمَامِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُسْمَعْ إلَّا مِنْ الْمُبَلِّغِ فَيُتَابِعُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ وَالْبُدَاءَةُ بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ سُنَّةُ الدُّعَاءِ) يُفِيدُ أَنَّ تَرْكَهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ فَلَا يَكُونُ رُكْنًا. هَذَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَالتِّرْمِذِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>