أَجْزَأَهُمْ) فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: لَا تُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مِنْ وَجْهٍ لِوُجُودِ التَّحْرِيمَةِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ احْتِيَاطًا
(وَلَا بَأْسَ بِالْإِذْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) لِأَنَّ التَّقَدُّمَ حَقُّ الْوَلِيِّ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ: أَيْ الْإِعْلَامِ، وَهُوَ أَنْ يُعْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِيَقْضُوا حَقَّهُ
أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا غَالِبٍ قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ أَنَسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَقَامَ حِيَالَ صَدْرِهِ. وَالْمَعْنَى الَّذِي عُقِلَ فِي الْقِيَامِ حِيَالَ الصَّدْرِ وَهُوَ مَا عَيَّنَهُ فِي الْكِتَابِ يُرَجِّحُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَيُوجِبُ التَّعَدِّيَةَ إلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَقْدِيمًا لِلْقِيَاسِ عَلَى النَّصِّ فِي الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ كَانَ بِسَبَبِ عَدَمِ النَّعْشِ فَتَقَيَّدَ بِهِ وَالْإِلْحَاقِ مَعَ وُجُودِهِ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ ﵊ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ وَسَطَهَا» لَا يُنَافِي كَوْنَهُ الصَّدْرَ بَلْ الصَّدْرُ وَسَطٌ بِاعْتِبَارِ تَوَسُّطِ الْأَعْضَاءِ، إذْ فَوْقَهُ يَدَاهُ وَرَأْسُهُ وَتَحْتَهُ بَطْنُهُ وَفَخِذَاهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَقَفَ كَمَا قُلْنَا، إلَّا أَنَّهُ مَالَ إلَى الْعَوْرَةِ فِي حَقِّهَا فَظَنَّ الرَّاوِي ذَلِكَ لِتَقَارُبِ الْمَحَلَّيْنِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مِنْ وَجْهٍ) حَتَّى اُشْتُرِطَ لَهَا مَا سِوَى الْوَقْتِ مِمَّا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ؛ فَكَمَا أَنَّ تَرْكَ التَّكْبِيرِ وَالِاسْتِقْبَالِ يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ بِهَا كَذَلِكَ تَرْكُ الْقِيَامِ وَالنُّزُولِ احْتِيَاطًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ النُّزُولُ كَطِينٍ وَمَطَرٍ فَيَجُوزُ. وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالْمَيِّتُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ أَيْدِي النَّاسِ لِأَنَّهُ كَالْإِمَامِ، وَاخْتِلَافُ الْمَكَانِ مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ
(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِالْإِذْنِ) حَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِذْنِ لِلْغَيْرِ بِالتَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا الْإِذْنُ لِلْمُصَلِّينَ بِالِانْصِرَافِ إلَى حَالِهِمْ كَيْ لَا يَتَكَلَّفُوا حُضُورَ الدَّفْنِ وَلَهُمْ مَوَانِعُ، وَهَذَا لِأَنَّ انْصِرَافَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ مَكْرُوهٌ. وَعِبَارَةُ الْكَافِي: إنْ فَرَغُوا فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَمْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ إلَى أَنْ يَنْتَهُوا إلَى الْقَبْرِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ، فَمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فَقَدْ يَتَحَرَّجُونَ، وَالْإِذْنُ الْمُطْلَقُ لِلِانْصِرَافِ لَا مَانِعَ مِنْ حُضُورِ الدَّفْنِ. وَعَلَى هَذَا فَالْأَوْلَى هُوَ الْإِذْنُ وَإِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ لَا بَأْسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ فِيهِ كَوْنُ تَرْكِ مَدْخُولِهِ أَوْلَى عُرِفَ فِي مَوَاضِعَ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ: أَيْ الْإِعْلَامِ، وَهُوَ أَنْ يُعْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِيَقْضُوا حَقَّهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَازَةُ يُتَبَرَّكُ بِهَا وَلِيَنْتَفِعَ الْمَيِّتُ بِكَثْرَتِهِمْ. فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ عَنْهُ ﵊ قَالَ «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ فِيهِ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الْأَزِقَّةِ وَالْأَسْوَاقِ لِأَنَّهُ نَعْيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بَعْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ تَنْوِيهٍ بِذِكْرِهِ وَتَفْخِيمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute