للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ يُغَسَّلُ غُسْلَ الثَّوْبِ النَّجِسِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَتُحْفَرُ حُفَيْرَةٌ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ التَّكْفِينِ وَاللَّحْدِ، وَلَا يُوضَعُ فِيهَا بَلْ يُلْقَى.

فَصْلٌ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ

(وَإِذَا حَمَلُوا الْمَيِّتَ عَلَى سَرِيرِهِ أَخَذُوا بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ) بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، وَفِيهِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ وَزِيَادَةُ

جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بَكَى ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهَبْ فَغَسِّلْهُ وَكَفِّنْهُ وَوَارِهِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ الْآيَةَ» وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْحَدِيثَ بِسَنَدِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ قَالَ «إنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الْكَافِرَ قَدْ مَاتَ فَمَا تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُجِنَّهُ وَأَمَرَهُ بِالْغُسْلِ».

وَإِنَّمَا لَمْ نَذْكُرْهُ نَحْنُ مِنْ السُّنَنِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِمَا «اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ ثُمَّ لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، فَذَهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ، فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي» وَلَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِغُسْلِهِ إلَّا مَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ طَرِيقِ الِالْتِزَامِ الشَّرْعِيِّ بِنَاءً عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ الْغُسْلُ إلَّا مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ دُونَ دَفْنِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ الْمَيِّتِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَرَوَى هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ عَلِيٍّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ طُرُقَ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَثِيرَةٌ، وَالِاسْتِحْبَابُ يَثْبُتُ بِالضَّعْفِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ وَلَيْسَ لَهُ قَرِيبٌ إلَّا كَافِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ ذَلِكَ مِنْهُ بَلْ يَفْعَلُهُ الْمُسْلِمُونَ، أَلَا تَرَى «أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَمَّا آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ تَوَلَّوْا أَخَاكُمْ» وَلَمْ يُخِلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَافِرُ فِي قَبْرِ قَرَابَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَدْفِنَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>