(وَيَمْشُونَ بِهِ مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ) لِأَنَّهُ ﵊ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ قَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ
(وَإِذَا بَلَغُوا إلَى قَبْرِهِ يُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسُوا قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعَاوُنِ وَالْقِيَامُ أَمْكَنُ مِنْهُ
قَالَ:
تَجْوِيزًا كَضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ كَثْرَةِ النَّاسِ أَوْ قِلَّةِ الْحَامِلِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّا كَثْرَةُ الْمَلَائِكَةِ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا رَوَى ابْنُ سَعْدٍ عَنْهُ ﵊ «لَقَدْ شَهِدَهُ: يَعْنِي سَعْدًا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَنْزِلُوا إلَى الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَقَدْ ضَمَّهُ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ». وَمَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ قَوْلِهِ ﵊ «رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تَحْمِلُهُ» فَإِنَّمَا يُتَّجَهُ مُحْمَلًا عَلَى تَقْدِيرِ تَجَسُّمِهِمْ ﵈ لَا تَجَرُّدِهِمْ عَنْ الْكَثَافَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَصْلُ خِلْقَتِهِمْ. وَفِي الْآثَارِ: «مَعَ كُلِّ عَبْدٍ مَلَكَانِ، وَفِيهَا أَكْثَرُ إلَى سَبْعِينَ» فَلَمْ تُوجِبْ مُزَاحَمَةً حِسِّيَّةً وَلَا مَنْعًا مِنْ اتِّصَالٍ بَيْنَك وَبَيْنَ إنْسَانٍ، وَلَا حَمْلَ شَيْءٍ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَالرَّأْسِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ بِسَبَبٍ حَمْلِهِمْ ﵈ اُكْتُفِيَ عَنْ تَكْمِيلِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْحَامِلِينَ، وَلِأَنَّ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ أَصْوَنُ لِلْجِنَازَةِ عَنْ السُّقُوطِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ أَشَقَّ عَلَى الْحَامِلِينَ مَصْلَحَةٌ مُعَارَضَةٌ بِمَفْسَدَةِ تَعْرِيضِهِ عَلَى السُّقُوطِ خُصُوصًا فِي مَوَاطِنِ الزَّحْمَةِ وَالْمِحْجَنِ، وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ إكْرَامًا لِلْمَيِّتِ وَأَعْوَنُ عَلَى تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْإِسْرَاعِ وَأَبْعَدُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلِذَاكِرِهِ حَمْلُهُ عَلَى الظَّهْرِ وَالدَّابَّةِ
(قَوْلُهُ دُونَ الْخَبَبِ) ضَرْبٌ مِنْ الْعَدْوِ دُونَ الْعُنُقِ وَالْعُنُقُ خَطْوٌ فَسِيحٌ فَيَمْشُونَ بِهِ دُونَ مَا دُونَ الْعُنُقِ، وَلَوْ مَشَوْا بِهِ الْخَبَبَ كُرِهَ لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِالْمَيِّتِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ﵊ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ إلَخْ) أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ: مَا دُونَ الْخَبَبِ» وَهُوَ مُضَعَّفٌ. وَأَخْرَجَ السِّتَّةُ قَالَ ﵊ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهِ كُلِّهِ مِنْ حِينِ يَمُوتُ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعَاوُنِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْ نَدْبِ الشَّرْعِ لِحُضُورِ دَفْنِهِ إكْرَامُ الْمَيِّتِ، وَفِي جُلُوسِهِمْ قَبْلَ وَضْعِهِ ازْدِرَاءٌ بِهِ وَعَدَمُ الْتِفَاتٍ إلَيْهِ، هَذَا فِي حَقِّ الْمَاشِي مَعَهَا، أَمَّا الْقَاعِدُ عَلَى الطَّرِيقِ إذَا مَرَّتْ بِهِ أَوْ عَلَى الْقَبْرِ إذَا جِيءَ بِهِ فَلَا يَقُومُ لَهَا، وَقِيلَ يَقُومُ، وَاخْتِيرَ الْأَوَّلُ لَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute