للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ. وَكَذَا الْغَالِبُ فِي الْعُشْرِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ تَابِعٌ، وَلَوْ أَفَاقَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إفَاقَتِهِ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ مِنْ الصَّوْمِ.

بِجَامِعِ نُقْصَانِ الْمِلْكِ لِثُبُوتِ لَازِمِ النُّقْصَانِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَبَرُّعَاتِهِمَا بَلْ أَدْنَى لِعَدَمِ نَفَاذِ تَصَرُّفَاتِهِمَا فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَيْسَ عَدَمُ جَوَازِ التَّبَرُّعِ وَلَا النُّقْصَانُ الْمُسَبَّبُ عَنْهُ، بَلْ النُّقْصَانُ الْمُسَبَّبُ عَنْ كَوْنِهِ مَدْيُونًا أَوْ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ فَقَطْ لِلتَّرَدُّدِ فِي قَرَارِ الْمِلْكِ لِتَجْوِيزِ عَجْزِهِ فَيَصِيرُ لِلسَّيِّدِ مِلْكًا وَهُوَ لَيْسَ مِلْكًا حَقِيقِيًّا أَصْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بَقِيَ إيرَادُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ يَتَوَجَّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ فَلَوْ تَمَّ وَاعْتَرَفْنَا بِالْخَطَإِ فِي إيجَابِهِمَا فِي أَرْضِهِمَا لَمْ يَضُرَّنَا فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، ثُمَّ جَوَابُهُ عَدَمُ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي الْخَرَاجِ بَلْ هِيَ مُؤْنَةٌ مَحْضَةٌ فِي الْأَرْضِ وَقُصُورُهُ فِي الْعُشْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ. وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِيهِ تَابِعٌ.

فَالْمَالِكُ مَلَكَهُمَا بِمُؤْنَتِهِمَا كَمَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ مِلْكًا مُصَاحِبًا بِهَا لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ سَبَبُ بَقَائِهِ فَتَثْبُتُ مَعَ مِلْكِهِ، وَكَذَا الْخَرَاجُ سَبَبُ بَقَاءِ الْأَرَاضِي فِي أَيْدِ مُلَّاكِهَا لِأَنَّ سَبَبَهُ بَقَاءُ الذَّبِّ عَنْ حَوْزَةِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بِالْمُقَاتَلَةِ وَبَقَاؤُهُمْ بِمُؤْنَتِهِمْ وَالْخَرَاجُ مُؤْنَتُهُمْ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى جَعْلِهِ فِي ذَلِكَ وَالْعُشْرُ لِلْفُقَرَاءِ لِذَبِّهِمْ بِالدُّعَاءِ. قَالَ «إنَّمَا تُنْصَرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ» الْحَدِيثَ.

وَالزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَتْ أَيْضًا لِلْفُقَرَاءِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إيجَابِ دَفْعِهَا إلَيْهِمْ فِي حَقِّهِ الِابْتِلَاءُ بِالنَّصِّ الْمُفِيدِ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً مَحْضَةً وَهُوَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ» الْحَدِيثَ. وَفِي حَقِّهِمْ سَدُّ حَاجَتِهِمْ وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي عُشْرِ الْأَرَاضِيِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ صَرِيحٌ يُوجِبُ كَوْنَهُ عِبَادَةً مَحْضَةً، وَقَدْ عُهِدَ تَقْرِيرُ الْمُؤْنَةِ فِي الْأَرْضِ فَيَكُونُ مَحِلُّ النَّظَرِ عَلَى الْمَعْهُودِ، غَيْرَ أَنَّ خُصُوصَ الْمَصْرِفِ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ يُوجِبُ فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يَسْتَلْزِمُ سِوَى أَدْنَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ مَعْنَاهَا وَهُوَ بِكَوْنِهِ تَبَعًا فَكَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَفَاقَ) أَيْ الْمَجْنُونُ. اعْلَمْ أَنَّ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ لِلْعَجْزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْعَقْلِ، بَلْ إذَا كَانَ حُكْمُهُ وَهُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ يَتَعَذَّرُ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْأَدَاءُ امْتِثَالًا مَعَ عَدَمِ الْعَقْلِ بِشَرْطِ تَذَكُّرِهِ نَحْوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>