لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ وَالْأَصْلُ فِيهَا الِاقْتِرَانُ، إلَّا أَنَّ الدَّفْعَ يَتَفَرَّقُ فَاكْتُفِيَ بِوُجُودِهَا حَالَةَ الْعَزْلِ تَيْسِيرًا كَتَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ.
(وَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَا يَنْوِي الزَّكَاةَ سَقَطَ فَرْضُهَا عَنْهُ اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْهُ فَكَانَ مُتَعَيِّنًا فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ (وَلَوْ أَدَّى بَعْضَ النِّصَابِ سَقَطَ زَكَاةُ الْمُؤَدَّى عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَائِعٌ فِي الْكُلِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّ الْبَعْضَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِكَوْنِ الْبَاقِي مَحَلًّا لِلْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
الْمَالِكِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِبَعْضِهِمْ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ: أَعْطَى رَجُلًا دَرَاهِمَ لِيَتَصَدَّقَ بِهَا تَطَوُّعًا فَلَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى نَوَى الْآمِرُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ جَازَتْ عَنْ الزَّكَاةِ انْتَهَى. وَكَذَا لَوْ قَالَ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ نَوَى الزَّكَاةَ قَبْلَ دَفْعِهِ (قَوْلُهُ كَتَقْدِيمِ النِّيَّةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إلْحَاقُ الزَّكَاةِ بِالصَّوْمِ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَى الشُّرُوعِ بِجَامِعِ لُحُوقِ لُزُومِ الْحَرَجِ فِي إلْزَامِ الْمُقَارَنَةِ، وَسَبَبُهُ فِي الزَّكَاةِ تَفَرُّقُ الدَّفْعِ لِلْكَثِيرِينَ
(قَوْلُهُ سَقَطَ فَرْضُهَا عَنْهُ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْوِيَ بِهَا وَاجِبًا آخَرَ مِنْ نَذْرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ نَوَى النَّفَلَ أَوْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ، بِخِلَافِ رَمَضَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ دَفْعَ الْمَالِ لِلْفَقِيرِ بِنَفْسِهِ قُرْبَةٌ كَيْفَ كَانَ، بِخِلَافِ الْإِمْسَاكِ انْقَسَمَ إلَى عَادَةٍ وَعِبَادَةٍ فَاحْتَاجَ إلَى تَمْيِيزٍ بِالْقَصْدِ، وَإِذَا وَقَعَ أَدَاءُ الْكُلِّ قُرْبَةً فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينِ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ دَفْعُ الْكُلِّ وَالْحَاجَةُ إلَى تَعْيِينِ الْفَرْضِ لِلْمُزَاحَمَةِ بَيْنَ الْجُزْءِ الْمُؤَدَّى وَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ، وَبِأَدَاءِ الْكُلِّ لِلَّهِ تَعَالَى تَحَقَّقَ أَدَاءُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَائِعٌ فِي الْكُلِّ) فَصَارَ كَهَلَاكِ الْبَعْضِ فَسَقَطَ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute