للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَحْمِهِمْ وَالْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ، وَأَفْتَوْا بِأَنْ يُعِيدُوهَا دُونَ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُمْ مَصَارِفُ الْخَرَاجِ لِكَوْنِهِمْ مُقَاتِلَةً، وَالزَّكَاةُ مَصْرِفُهَا الْفُقَرَاءُ وَهُمْ لَا يَصْرِفُونَهَا إلَيْهِمْ. وَقِيلَ إذَا نَوَى بِالدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ سَقَطَ عَنْهُ، وَكَذَا الدَّفْعُ إلَى كُلٍّ جَائِرٌ لِأَنَّهُمْ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ التَّبِعَاتِ فُقَرَاءُ،

جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ عَجْفَاءَ لِأَنَّ فَضْلَ السِّمَنِ فِيهَا كَانَ بِسَبَبِ السَّمِينَةِ الَّتِي هَلَكَتْ فَتَبْطُلُ بِهَلَاكِهَا.

رَجُلٌ لَهُ خَمْسُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ عِجَافٍ إلَّا وَاحِدَةٌ سَمِينَةٌ تَعْدِلُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ الْبَاقِي عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، وَقِيمَةُ الْحِقَّةِ الْوَسَطِ مِائَةٌ تَجِبُ حِقَّةٌ تُسَاوِي سِتِّينَ دِرْهَمًا لِأَنَّهَا كَثِنْتَيْنِ مِنْ أَفْضَلِهَا، لِأَنَّ زَكَاتَهَا تَعْدِلُ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَسَطَيْنِ لَوْ كَانَ فِيهَا بِنْتَا مَخَاضٍ وَسَطَانِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَسَطٌ وَجَبَ حِقَّةٌ تَعْدِلُ هَذِهِ الْوَاحِدَةَ وَوَاحِدَةَ مِنْ أَفْضَلِ الْبَاقِي، فَلَوْ هَلَكَتْ السَّمِينَةُ تَجِبُ حِقَّةٌ تَعْدِلُ بِنْتَيْ مَخَاضٍ عَجْفَاوَيْنِ لِأَنَّ الْمَالَ اشْتَمَلَ عَلَى النِّصَابِ وَالْعَفْوِ، لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ عَفْوٌ فَيُصْرَفُ الْهَلَاكُ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ عِجَافًا وَهُنَاكَ تَجِبُ حِقَّةٌ تَعْدِلُ بِنْتَيْ مَخَاضٍ عَجْفَاوَيْنِ مِنْ أَفْضَلِهِنَّ فَيَجِبُ هُنَا حِقَّةٌ تُسَاوِي عِشْرِينَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الْحِقَّةِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ الَّتِي تُسَاوِي بِنْتَيْ مَخَاضٍ عَجْفَاوَيْنِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ فِي الْكُلِّ وَفَضْلُ السِّمَنِ كَانَ بِاعْتِبَارِ السَّمِينَةِ فَإِذَا هَلَكَتْ هَلَكَتْ بِزَكَاتِهَا وَبَقِيَ الْبَاقِي. وَلَوْ هَلَكَ الْكُلُّ وَبَقِيَتْ السَّمِينَةُ فَفِيهَا خُمْسُ شَاةٍ وَسَطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْهَلَاكَ عِنْدَهُ يُصْرَفُ إلَى النُّصُبِ الزَّائِدَةِ فَكَأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ عَلَى خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ هَلَكَ الْكُلُّ إلَّا الْوَاحِدَةَ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ الْحِقَّةِ الَّتِي تُسَاوِي سِتِّينَ، لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ عَفْوٌ فَكَأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ عَلَى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِيهَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْحِقَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِمْ مُقَاتِلَةٌ) لِأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصْرِفُونَهَا) أَيْ لَا يَصْرِفُهَا الْخَوَارِجُ إلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الدَّفْعُ إلَى كُلٍّ جَائِرٌ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَمَا يَأْخُذُهُ ظَلَمَةُ زَمَانِنَا مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَالْجَزَاءِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ فَالْأَصَحُّ أَنْ يَسْقُطَ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ إذَا نَوَوْا عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ التَّبِعَاتِ فَوْقَ أَمْوَالِهِمْ، فَلَوْ رَدُّوا مَا عَلَيْهِمْ لَمْ يَبْقَ فِي أَيْدِيهِمْ شَيْءٌ فَكَانُوا فُقَرَاءَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: يَجُوزُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَالِي خُرَاسَانَ وَكَانَ أَمِيرًا بِبَلْخٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَسَأَلَ فَأَفْتَوْهُ بِالصِّيَامِ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ لِحَشَمِهِ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِي مَا عَلَيْك مِنْ التَّبِعَاتِ فَوْقَ مَا لَك مِنْ الْمَالِ فَكَفَّارَتُك كَفَّارَةُ يَمِينِ مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَدُفِعَ إلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ سَقَطَ. ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَعَلَى هَذَا فَإِنْكَارُهُمْ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى تِلْمِيذِ مَالِكٍ حَيْثُ أَفْتَى بَعْضَ مُلُوكِ الْمَغَارِبَةِ فِي كَفَّارَةٍ بِالصَّوْمِ غَيْرُ لَازِمٍ، وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ اعْتِبَارٌ لِلْمُنَاسِبِ الْمَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>