للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ نَأْخُذُ بِقَدَرِهِ، وَإِنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْكُلَّ لَا نَأْخُذُ الْكُلَّ)؛ لِأَنَّهُ غَدْرٌ (وَإِنْ كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ أَصْلًا لَا نَأْخُذُ) لِيَتْرُكُوا الْأَخْذَ مِنْ تُجَّارِنَا وَلِأَنَّا أَحَقُّ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.

قَالَ (وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ عَلَى عَاشِرٍ فَعَشَرَهُ ثُمَّ مَرَّ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ يَعْشُرْهُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ)؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اسْتِئْصَالُ الْمَالِ وَحَقُّ الْأَخْذِ لِحِفْظِهِ، وَلِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ الْأَوَّلِ بَاقٍ، وَبَعْدَ الْحَوْلِ يَتَجَدَّدُ الْأَمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ إلَّا حَوْلًا، وَالْأَخْذُ بَعْدَهُ لَا يَسْتَأْصِلُ الْمَالَ (فَإِنْ عَشَرَهُ فَرَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عَشَرَهُ أَيْضًا)؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ بِأَمَانٍ جَدِيدٍ.

وَكَذَا الْأَخْذُ بَعْدَهُ لَا يُفْضِي إلَى الِاسْتِئْصَالِ

مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَمِّيَّةُ مَا يَأْخُذُونَ، فَالْعُشْرُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حَقُّ الْأَخْذِ بِالْحِمَايَةِ وَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْمُجَازَاةِ فَقُدِّرَ بِمِثْلَيْ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْحِمَايَةِ مِنْهُ وَلِمَا قُلْنَاهُ آنِفًا وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ الْأَخْذَ مِنْ تُجَّارِنَا تَرَكْنَا نَحْنُ حَقَّنَا لِتَرْكِهِمْ ظُلْمَهُمْ لِأَنَّ تَرْكَهُمْ إيَّاهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ تَخَلُّقٌ مِنْهُمْ بِالْإِحْسَانِ إلَيْنَا، وَنَحْنُ أَحَقُّ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ لَمْ يَعْشُرْهُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ أُخِذَ مِنْهُ ثَانِيًا وَلَوْ كَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِقُرْبِ الدَّارَيْنِ وَاتِّصَالِهِمَا كَمَا فِي جَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اسْتِئْصَالٌ لِلْمَالِ) فَيَعُودُ عَلَى مَوْضِعِ الْأَمَانِ بِالنَّقْضِ

(قَوْلُهُ إلَّا حَوْلًا) لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالصَّوَابُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِدُونِ لَفَظَّةِ إلَّا نَقَلَهَا نُسْخَةً فِي الْكَافِي، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ سَهْوِ الْكَاتِبِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَوْلًا بَلْ دُونَهُ، وَيَقُولُ: لَهُ الْإِمَامُ إذَا دَخَلَ إنْ أَقَمْت حَوْلًا ضَرَبْت عَلَيْك الْجِزْيَةَ، فَإِنْ فَعَلَ ضَرَبَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْعَوْدِ أَبَدًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِزْيَةِ وَجَعْلِهِ عَيْنًا عَلَيْنَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَدَاخِلِنَا وَمَخَارِجِنَا، وَذَلِكَ زِيَادَةُ شَرٍّ عَلَيْنَا فَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِمَقَامِهِ حَوْلًا عَشَرَهُ ثَانِيًا زَجْرًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَرُدُّهُ إلَى دَارِنَا.

وَالْأَصْلُ أَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ لَا يَتَجَدَّدُ إلَّا بِتَجَدُّدِ الْحَوْلِ أَوْ تَجَدُّدِ الدُّخُولِ إلَى دَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>